منذ بدء الثورة السورية بدأت الخدمات العامة بالتدهور, بسبب تعرضها المباشر للقصف الهمجي من قبل قوات الأسد , أو قطع إمداداتها المادية والفنية بقصد الضغط على الثورة وحواضنها الإجتماعية .
كان لذلك الدور البالغ الأثر في الصحة العامة للسوريين في مناطق الثوار المحررة, من حيث قلة المياه وانعدامها أحياناً وخصوصا تلك المخصصة للشرب والاستخدامات البشرية, كذلك انقطاع التيار الكهربائي وفقدان المحروقات ذات المواصفات الجيدة, مما أجبر الناس على استخدام طرق بدائية ذات ضرر كبير على الصحة.
فمعظم السوريون يذكرون المرض الحديث الذي إنتشر بين الأطفال وكبار السن خلال هذا الشتاء, بسبب برودة الطقس التي وصلت في حدودها القصوى إلى 10 درجات مئوية تحت الصفر, ما سبب التهاب حاد في القصبات لدى الأطفال الذين توفي بعضهم بسبب نقص الدعم الطبي الموجود في الداخل السوري المحرر.
وبحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية الطبيبة إليزابيث هوف أن المنظمة قد رصدت حوالي 31 ألف حالة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي في سورية العام الماضي, وأكثر من 1000 حالة أسبوعيا منذ يناير الماضي, محذرةً من انتشار وباء الكوليرا في الشهور القادمة.
وأكدت "هوف" أن وباء الكوليرا يتفشى مع مجيء الموسم الأدفئ ومن الواضح تماما أن الوضع سيصبح أخطر بكثير وذلك بعد ارتفاع عدد الإصابات بالأمراض المعدية عبر الماء كالتيفوئيد والتهاب الكبد الوبائي بسبب تدهور مستوى النظافة.
وأضافت ,أن السكان لم يعد بمقدورهم الوصول إلى مياه شرب آمنة كما كان الحال من قبل, حيث تتوفر مياه الشرب الآمنة بنسبة ثلث ماكان متوفرا قبل نشوب الحرب أي قبل نحو أربعة أعوام.
يذكر أن منظمة الصحة العالمية وجهت مناشدة لجمع 116 مليون دولار لتوفير أدوية ورعاية صحية لنحو 12.2 مليون شخص في مختلف أنحاء سورية هذا العام.
وترجع المنظمة زيادة عدد الإصابات بالأمراض المعدية إلى ظروف الازدحام وتردي مستوى النظافة, حيث يصاب نحو 25 ألف شخص كل شهر جراء المعارك، وهو ما يتطلب مستلزمات طبية ونقل دم آمن وعقاقير مخدرة. وأدخلت منظمة الصحة العالمية يوم الأحد الماضي مؤنا طبية وأدوية تشتد الحاجة لها إلى الجزء الشرقي من حلب.
وتفيد المنظمة بأن الكوليرا (وهي إصابة في الأمعاء) كثيرا ما تتعلق بمياه الشرب الملوثة، ما يسبب إسهالا حادا وحالة تقيء، كما تُعرض الأطفال الصغار للوفاة بسبب الجفاف.
في سياق متصل , تعمل عدة مؤسسات وجهات وجمعيات طبية سورية وعربية على تقديم المساعدات الطبية في مخيمات الداخل وخصوصاً تلك الموجودة على الحدود السورية التركية والتي تنتشر بكثرة, ويقدر عدد المخيمات هذه بعشرين مخيم أغلبها يفتقد لمصادر مياه نظيفة, بالتالي هي الأكثر تضرراً في الصيف القادم إذا لم تتم معالجة شكلات النقص الموجودة في الخدمات .