السجن الأكثر شهرة عالمياً وفي التاريخ الحديث، والذي قضى بين جدرانه الألاف من المعتقلين السوريين والعرب والأجانب بتهم مختلفة كان معظمها سياسية تنال من هيبة الدولة العميقة التي كان يرأسها حافظ الأسد، السفاح الذي فارق الحياة مطلع القرن الحالي، ليتسلم فيما بعد ابنه النجيب بشار الأسد، ومعه كانت القصة الإجرامية أكثر حداثة وتطوراً من أبيه وقد صار في عهده سجن تدمر كمحطة أخيرة للمتظاهرين الذين طالبوا برحيله.
بني السجن من قبل قوات الانتداب الفرنسي عام 1966 ليكون ثكنة عسكرية، سرعان ما حوله حافظ الأسد إلى معتقل يضم عدد كبيراً من السجناء السياسيين، ويقع السجن بالقرب من مدينة تدمر الصحراوية شرقي حمص.
في 27 حزيران / يونيو عام 1980، وفي عهد حافظ الأسد وبمساعدة أخيه رفعت الأسد قائد سرايا الدفاع حينها، نفذت مجزرة بداخله أودت بحياة 1181 سجين، حسب تقديرات منظمة "هيومن رايتس ووتش"، يشكلون نخبة من الأطباء والمهندسين والمحامين والقضاة والأدباء والشعراء والمثقفين.
أغلق السجن عام 2001 وأعيد افتتاحه عام 2011 لاستيعاب عدد أكبر من السجناء، بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة السورية التي طالبت برحيل الأسد ونظامه البعثي الذي حكم سورية بقبضة من حديد ونار على مدى أربعين عاماً.
الكبير والصغير في سورية يمكنه أن يقدم إفادة وافية عن ظروف الاعتقال والتعذيب في سجن تدمر التاريخي، ولا توجد مدينة أو قرية في سورية إلا واختطف السجن الشهير العشرات من أبنائها على خلفية نشاطهم السياسي والحقوقي.
سيطرت داعش أخيراً على سجن تدمر الذي لا يبعد سوى كيلو مترات قليلة عن معالم حضارة موغلة في التاريخ، تحكي قصة ملكة الصحراء "زنوبيا" التي اغتصبها جنود الأسد ومرتزقته قبل أن يسلموا رفاتها وبقايا مجدها للتنظيم الذي إلتف من كل الاتجاهات على المدينة وما يتبعها من مراكز بشرية واقتصادية، تحديداً في السخنة مكمن النفط والفوسفات.
تقول الأنباء الواردة من هناك أن الألاف من السجناء عانقوا الحرية لبرهة من الزمن بعد أن أفرج عنهم من أحضان معتقل الأسد ليرتموا في أحضان داعش، التي ربما ستقيم لهم الدورات الشرعية وتستخدمهم كجيش عرمرم يتابعوا من خلاله التمدد المعهود.