شهر مضى تقريبا على بدء العدوان الروسي على الشعب السوري، تمثل بقصف جوي كثيف على مناطق المدنيين والثوار خلفَ الكثير من الشهداء ومزيداً من التدمير والتهجير، أن التدخل الروسي يحمل حقيقة هامة جداً مفادها تقهقر النظام وعدم قدرته على صد هجمات الثوار المتتالية والتي غالباً ما تؤدي إلى مزيد من الخسارة للنظام ومزيدا من التقدم للثوار على الرغم من الدعم الكبير من حزب الله وإيران بالجنود والاسلحة.
حشد الأسد الكثير من المرتزقة من حزب الله والمليشيات الإيرانية، بدعم من الطيران الحربي الروسي لتبدأ الحملة البربرية على ريف حماة الشمالي، استمرت لعدة ايام لكن الذي حدث على العكس تماما مما إرادته روسيا، ليرتكب الثوار مجزرة بحق دبابات ومدرعات الأسد وروسيا يسقطون طائرات حربية ومروحية يسيطرون على مدينة كفر نبودة، لينتقل النظام إلى جبهة أخرى وهي ريف حمص الشمالي ويرتكب الطيران الروسي مجازر مروعة بحق المدنيين في تلبيسة والرستن، ولكن الذي حدث أيضا لم يكن كما أرادت روسيا، لم تتقدم قوات الأسد والميليشيات شبرا واحداً في المنطقة بل تكبدت خسائر في العتاد والأرواح وخسرت مناطق جديدة على حساب الثوار.
مسلسلات الفشل تجبر قوات الأسد على الانتقال إلى جبهة أخرى فكانت جبهة جبل الأكراد في ريف اللاذقية، وكانت الصفعة موجعة حقا لكل من روسيا والأسد على حد سواء، صمود بطولي للثوار أمام أعداد كبيرة من المرتزقة وقصف عنيف جداً من الطيران الروسي ادى الى سيطرة الثوار على تلة جب الاحمر وتلال اخرى استراتيجية واغتنام دبابات ومدرعات.
جبهات ثلاث لم تحمل سوى الهزيمة، أصبح موقف روسيا محرجا للغاية، وهذا دفعها إلى البحث عن خاصرة ضعيفة فيها من الوهن ما يمكن أن تحقق من خلالها بعض التقدم تدعم قليلا موقفها المتهاوي، والوجهة، والوجهة هذه المرة ريف حلب الجنوبي.
لكن رب ضارة نافعة، فالتقدم السريع لقوات الأسد والميليشيات وتهاوي المناطق أمامها في وقت قياسي دفع الثوار إلى التوحد والتنسيق والعمل السريع لتلافي الهزائم، وبدأت الفصائل بالتوجه إلى ريف حلب الجنوبي واستطاع الثوار دحر القوات المعادية من عدة مناطق سيطر عليها سابقا والأن الوضع أصبح جيدا إلى حد ما.
يمكننا القول إن السيناريو الذي أرادته روسيا قد فشل فشلا ذريعا، وتوالي الانهزامات على كل الجبهات دفعها إلى الإقرار بأنه لابد من التخلي عن بشار الاسد، لذلك تراها تهرع إلى إيجاد حل سياسي وتسعى للقاء الثوار والفصائل الفاعلة على الأرض.
منذ شهر فقط كان الجيش الحر بالنسبة إلى روسيا وهم لا وجود له، وها هي الآن تدعي أن هذا الوهم يريد التفاوض معها، طبعا بعد أن تلقت منه ضربات موجعة لم تتوقعها، شهر واحد فقط كان كفيلا أن تعترف روسيا بهذا الوهم ويصبح الأن حقيقة مرة وقاسية مجبرة هي على التعامل معها كواقع فرض نفسه بقوة العزيمة والإيمان والثبات، واقع فرض نفسه لثوار سلاحهم بسيط أمام خصم يمتلك شتى انواع الأسلحة المدمرة.
ان التدخل الروسي حمل في بدايته تحديا قويا دفع بالثوار إلى مزيد من التوحد، مزيد من التنسيق، والأهم مزيد من الإيمان واليقين والثبات. لقد نجح الثوار في مواجهة هذا التحدي وما نراه الآن من حراك سياسي واسع هو دليل عل فشل الدب الروسي وانتصار الثوار عليه، ولعل الميدان هو الحكم اليوم.