يشارف أهالي "وادي بردى" بريف دمشق الغربي، على إنهاء أسبوعهم الخامس تحت وطأة أعنف حملة عسكرية يشنها النظام عليهم منذ تحرر منطقتهم في عام 2012.
طالت الحملة كل المؤسسات المدنية والبنى التحتية وأخرجتها عن الخدمة؛ بهدف زيادة الضغط على الثوار للقبول بطلب النظام إخلاء المنطقة، في معركة لا يبدو فيها أن هنالك تفوقاً لطرف على الآخر ميدانياً حتى اللحظة.
لكن اللافت في المعركة أن انعكاساتها لم تنحصر في سكان "وادي بردى" وحدهم، بل طالت سكان دمشق؛ بخلق أكبر أزمة مياه يعيشها سكان العاصمة منذ اندلاع الثورة السورية؛ لخروج منشأة مياه "عين الفيجة" عن العمل بالكامل، وانحسار قسم كبير من مياه النبع إلى الطبقات الجوفية؛ بسبب القصف الذي تعرضت له منشأة مياه الفيجة.
– تدمير لنبع "الفيجة"
يقول كمال جمال الدين البرداوي، مدير الهيئة الإعلامية في "وادي بردى"، إن مبنى نبع الفيجة تهدم بنسبة 75%، وخرج عن الخدمة بعد أكثر من 50 برميلاً تم إلقاؤها من مروحيات النظام، ومئات القذائف المدفعية، وقد تلوثت مياه النبع بالنفط والزيت والبنزين وكمية كبيرة من الكلور، عند انفجار المضخات واختلاط المواد داخلها.
وقد قام النظام بترويج أن الثوار هم من لوثوا مياه النبع؛ "لتأجيج الحاضنة الشعبية عليهم، ولكن في الحقيقة فإن قصف النظام كان وراء كل ما حصل"، بحسب البرداوي.
ويضيف البرداوي "أن الأمر الخطير الذي تم الانتباه له أن ثلث مياه نبع الفيجة قد غارت في الأرض بسبب تركيز القصف على منطقة النبع، وتأثر الطبقات الأرضية بسبب الضغط العالي، وفي حال استمر القصف على منطقة النبع أكثر من ذلك فهنالك مخاوف من أن تختفي مياه النبع بشكل أكبر داخل الأرض، وعندها ستنشأ أكبر أزمة مائية سيتضرر منها كل سكان المنطقة، وخاصة سكان العاصمة دمشق".
وعن التطورات الميدانية يقول البرداوي: "الثوار استطاعوا حتى اللحظة صد كل محاولات النظام للتقدم، وخاصة عبر محوري بسيمة ونبع الفيجة، حيث تم تدمير دبابتين مع طواقمهما بالكامل، بالإضافة لتدمير تركس (جرافة)، كان يحاول تمهيد الطريق أمام قوات النظام من طريق الظهرة، وقد فاقت خسائر النظام البشرية الـ 30 عنصراً وعشرات الجرحى، وبالأخص عندما تم استهداف مراكز الحرس الجمهوري في أشرفية الوادي بدبابات الثوار وقذائف الهاون".
– تصدٍّ وانتقام
ومن جهة أخرى، يقول الإعلامي باسل أبو جواد، لـ "الخليج أونلاين": "إن خسائر النظام وحزب الله الكبيرة دفعتهم إلى الانتقام من الأهالي والمدنيين؛ بقصف قرى وادي بردى، التي تقبع خارج سيطرته، بأكثر من 100 برميل متفجر وآلاف القذائف المدفعية".
وتعمد النظام استهداف الجوانب المدنية فيها، "ما أدى لخروج الهيئة الطبية، ومركز الدفاع المدني، ومركز الهيئة الإعلامية، ومقاسم الهاتف والكهرباء، عن العمل بشكل كامل، فضلاً عن سقوط أكثر من 10 مدنيين ومئات الجرحى، دون إمكانية تقديم الإسعافات اللازمة لهم"، بحسب أبو جواد.
ويشير أبو جواد "إلى أن انعكاسات استهداف النظام لنبع الفيجة كانت كبيرة على سكان العاصمة دمشق، الذين يعيشون منذ أيام في ظل انقطاع تام للمياه، وارتفاع سعر المياه لأعلى معدل له في تاريخ العاصمة، وسط تخوفات من استمرار انقطاع المياه لفترة أطول".
حيث أصدرت معظم المؤسسات المدنية في "وادي بردى" بياناً ناشدت فيه المجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ دمشق ووادي بردى من تطور انعكاسات تضرر نبع الوادي، بالإضافة لرفضهم لأي شكل من أشكال "التهجير القسري"، التي يرونها "الهدف الأساسي" للنظام في قيامه بالهجمة الأخيرة على وادي بردى.
الخليج أونلاين