أثارت “نشرة البدلات اليومية” الصادرة عن مصرف سوريا المركزي للمرة الأولى الثلاثاء، استياءً واسعاً بين السوريين، واعتبروا أن قرار المركزي اعتراف رسمي بأسعار السوق السوداء ومحاولة لسرقة ما تبقى من مدخرات السوريين.
وحدّد المصرف في نشرته قيمة بدل “الخدمة الإلزامية” بأسعار صرف السوق السوداء، بسعر 2550 ليرة سورية للدولار الأميركي الواحد، وهو ضعف السعر الرسمي للدولار المحدد في النشرة المعتمدة الصادرة عن المصرف 1256 ليرة سورية للدولار الواحد.
ويشمل قرار دفع البدل المكلفين بخدمات ثابتة، ويترتب على هؤلاء دفع مبلغ 3 آلاف دولار أميركي، أو ما يعادله بالليرة السورية أي (سبعة ملايين و650 ألف ليرة سورية).
ويشمل القرار أيضاً، الطيار العامل لدى مؤسسة الخطوط الجوية السورية الذي تم تأجيله لمدة خمس سنوات متواصلة أو الذي أتم خمس سنوات خدمة فعلية لدى المؤسسة، وعليه أن يدفع بدلاً نقدياً مقداره 10 آلاف دولار أميركي أو ما يعادلها بالليرة (25 مليوناً و500 ألف ليرة) وفق سعر الصرف المحدد في نشرة البدلات.
وينحصر دفع البدل بالليرة السورية في هاتين الحالتين فقط، ولا ينطبق على بقية الراغبين بدفع البدل النقدي، الذي يجب أن يكون بالدولار الأميركي أو باليورو، وهذا وفق التعديلات على قانون خدمة العلم الواردة في المرسوم الذي أصدره بشار الأسد، في 11 تشرين الثاني/أكتوبر 2020، وتضمن التعديل حينها، البدل النقدي للمكلفين الذين تقرر وضعهم بخدمة ثابتة، والبدل النقدي للمكلفين المقيمين خارج الأراضي السورية والمواد المتعلقة بأحكام التخلف عن الخدمة داخل وخارج سوريا.
وقال وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري لصحيفة “المدن” اللبنانية، إن “نشرة البدلات الصادرة عن المركزي حددت سعراً رسمياً آخر للدولار، وهو بمثابة اعتراف رسمي بأسعار الصرف في السوق السوداء التي يمنع التعامل فيها، وهذه الخطوة تضاف الى مجموعة السياسات العبثية التي يطبقها النظام لرفد خزينته بالقطع الأجنبي وسرقة مدخرات السوريين في الداخل والخارج”.
وأشار المصري إلى أن الهدف الأهم الذي يسعى نظام الأسد إلى تحقيقه من الاعتراف غير المباشر بأسعار صرف السوق السوداء هو “دعم الليرة السورية وذلك من خلال زيادة الطلب عليهاوالهيمنة على السوق ووارداتها من العملات الأجنبية، وعملياً يمكن أن تستفيد الليرة من هذه الخطوة لكن المتضرر الرئيس هو المواطن المُستنزف”.
وفي السياق، رأى عضو الدائرة السياسية في “اتحاد ثوار حلب” هشام سكيف أن نظام الأسد يعيش أزمة مالية معقدة يحاول التخفيف من أثارها عبر فرض سياسات مختلفة وتبدو غير منطقية في كثير من الأحيان، والهدف منها ضمان تدفق القطع الأجنبي الى خزينته، وازدواجية أسعار التصريف وفق نشرة المركزي السوري دليل على هذا التخبط.
وأضاف سكيف ل”المدن”، أن “التعقيدات التي يفرضها النظام في مسألة بدلات الخدمة تتعارض مع دعواته لعودة المهجرين واللاجئين، في حين ستكون القرارات الخاصة بالبدل باباً يستفيد منه المقربون من المليشيات وأمراء الحرب، إذ سيكون بإمكان هؤلاء تسريح أبنائهم مستفيدين من الثغرات التي خلقها التعديل الجديد على قانون الخدمة”.
وبالنسبة للكثيرين من السوريين في الداخل فجمع مبلغ كهذا يبدو مستحيلاً في ظل الأوضاع المعيشية الحالية، ومعدلات الأجور المنخفضة في القطاعين العام والخاص والتي تُصرف بالليرة السورية. وقال الصحافي يحيى مايو ل”المدن”، إن ” دفع بدل خدمة لشاب حاصل على وضع خدمات ثابتة وفق السعر المحدد في نشرة البدل يحتاج منه العمل لست سنوات على الأقل في القطاع الخاص وبأجر شهري 100 ألف ليرة سورية، وهذا هو المعدل السائد للأجور في المدينة الصناعية في حلب على سبيل المثال”.
المصدر: المدن