كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية في تقرير، أن روسيا أدخلت قبل 5 سنوات طائرة “فوربوست” المصممة والمرخصة إسرائيلياً إلى سوريا، مشيرةً إلى “الدور” الذي لعبته التكنولوجيا الإسرائيلية في حملة القصف الروسي دفاعاً عن نظام الأسد، بما في ذلك ما وصفته بـ”الاستهداف غير المشروع للبنية التحتية المدنية”.
وأضافت الصحيفة: “عندما أقلعت الطائرات المسيرة الحربية، المرخصة من قبل إسرائيل لأول مرة من قواعد القوات الجوية السورية لملاحقة معارضي الحكومة، بعد فترة وجيزة من التدخل الروسي في عام 2015، بدت هذه الطائرات كوافد جديد على الصراع، الذي ظهرت فيه طائرات مُسيرة من الولايات المتحدة وإيران وتركيا”.
وبعد أكثر من نصف عقد، برزت صورة أكثر وضوحاً عن مدى محورية الدور الذي لعبته النسخة الروسية من طائرات “سيرشر 2″، التابعة لشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، والتي اختار لها مصنعوها اسماً جديداً هو “فوربوست”، لإنقاذ نظام الأسد الذي كانت على أوشك الانهيار.
وأكدت الصحيفة أنه على الرغم من أن طائرات “فوربوست” إسرائيلية، لم يأل الروس جهداً في التفاخر بأنها “واحدة من أهم أسلحتهم التكنولوجية، التي تمتلك حضوراً دائماً في السماء السورية”، حيث تحدد الأهداف بدقة، ما يجعل الطيارين غير مضطرين إلى المخاطرة بأرواحهم في القيام برحلات استطلاعية.
وعن أسباب اتجاه روسيا إلى طائرات مُسيرة إسرائيلية، قالت صحيفة “هآرتس”، إن روسيا خسرت أعداداً كبيرة من طائراتها في صراعها ضد جورجيا في عام 2008، في أوسيتيا الجنوبية، ومن ثم بحثت عن طريقة لتعويض تلك الأضرار، ليس أمام الجيش الجورجي، الذي كان لديه أيضاً طائرات مسيرة إسرائيلية، إنما أيضاً أمام الخصوم المستقبليين.
وقرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حينها، القيام بخطوة نادرة بشراء تكنولوجيا عسكرية أجنبية، والتقارب مع شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، بوصفها واحدة من كبريات الشركات المتخصصة في صناعة الطائرات، بحسب الصحيفة.
وأوضح الباحث في مركز “نيو أميريكان سيكيورتي” صمويل بينديت، لصحيفة هارتس، أنه “على الرغم من أن (فوربوست) ليست سوى نسخة مرخصة من طائرة مُسيرة إسرائيلية أقدم، إلا أنها أضافت معلومات استخبارية مهمة، عبر عمليات التجسس والاستطلاع، وقدرات قتالية للقوات الروسية في سوريا، والذي يبدو أن الجيش الروسي يتفق تماماً مع تقييماته”.
ويرى بينديت أن “فوربوست” هي الطائرة العسكرية الوحيدة التي تعمل باستقلالية، على مسافة 250 كم تقريباً من مهبطها، ما يعني أن هذه الطائرة “لا يمكن الاستغناء عنها كوسيلة لمراقبة الأهداف، بعيداً من القواعد العسكرية الروسية”.
ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن جزءاً كبيراً مما سجله الجيش الروسي في سورية، يرجع الفضل فيه إلى “عدسات فوربوست”، سواء كانت “غارات جوية، أو عمليات عسكرية برية، أو عمليات إخلاء مدنيين”.
وأكدت هارتس أن قدرات المراقبة التي تتمتع بها “فوربوست”، تنطوي أيضاً على عواقب غير مرغوب فيها للجيش الروسي، إذ “تقدم أدلة إدانة على الاستهداف المتعمد لمواقع مدنية، وقصفها”.
وبيّنت سارة كاي المحامية الحقوقية والباحثة في شؤون الإرهاب في “جامعة كوينز” في بلفاست، أن “تصنيف (فوربوست) كطائرة غير مزودة بأسلحة، لا يعفي الجيش الروسي، ولا المصدرين الإسرائيليين من تحمل مسؤولية جرائمهم بموجب القانون الدولي”.
وتصر كاي على أنه “لا يمكن اعتبار تكنولوجيا المراقبة بريئة، عندما يكون هدفها عسكرياً بشكل واضح”، معربة عن أملها في أن “يتطور القانون الدولي، ليلائم الواقع الجديد، الذي تقوم به الجيوش المتعطشة للمراقبة بتهديد المدنيين”.
وأشارت “هآرتس” إلى أن التحليل المفصل لمقاطع الفيديو التي التقطتها “فوربوست”، والمتاحة على الإنترنت، “يكشف تورطها الجنائي في تسهيل عمليات قتل المدنيين في سوريا”.
وفقاً للصحيفة الإسرائيلية، يمكن “الكشف عن أن طائرة (فوربوست) التي أمدت الجيش الروسي بمعلومات تجسس، عند قيامه بعمليات عسكرية بحق مدنيين، مخالفة للقانون الدولي”.
وتقوم إسرائيل بتصنيع طائرات استطلاع مسلحة لأغراض الاستخدام المحلي والتصدير، لكن ترخيص تصميم وتكنولوجيا طائرة مُسيرة بالنسبة إلى روسيا، كان بمثابة الخطوة التي يحتاج إليها الكرملين، الذي أزعجه أمر نقص الطائرات المسيرة الحديثة في ترسانة أسلحته، والتي لابد من توافرها لدخول مجال حرب الطائرات من دون طيار.
وقالت “هآرتس” إن محللين في مجال الدفاع، توقعوا أن الخبرة الواسعة التي اكتسبها الجيش الروسي من خلال استخدامه طائرات “فوربوست” في الحرب السورية، ستؤدي إلى تطوير جيل ثان من أنظمة طائرات الاستطلاع من دون طيار، والتي تتمتع أيضاً بقدرة على ضرب الأهداف.
وفي وقت سابق، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى حاجة بلاده “لظهور جيل آخر من نظم أسلحة الاستطلاع، بعد الخبرة التي اكتسبها الجيش الروسي في سوريا”.
وبهذه الطريقة، سهلت رخصة التصدير الإسرائيلية المقدمة إلى روسيا، وسرعت من قدرات روسيا على تطوير طائرات استطلاع هجومية فتاكة.
وأفادت “هآرتس” بأنه “في هذا الوقت تحديداً، تقوم طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بمواصلة تمشيطها للمناطق السورية المدمرة”.
وأوضحت الصحيفة، أن “الادعاء بأن الشركات الإسرائيلية لا تقوم ببيع طائرات كاملة الصنع بشكل مباشر إلى روسيا”، وأنها فقط تمنحها “الترخيص والإذن”، لا يمكن أن يُعول عليه من وجهة نظر حقوقية.
وأضافت أن “التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية ثنائية الاستخدام، تتسبب في أضرار جسيمة في جميع أنحاء العالم، وتعرض المدنيين للخطر، ليس فقط في غزة وسوريا، وإنما أيضاً في أماكن أخرى من العالم”.
وكالات