دمشق – وكالات
دخلت مناطق سيطرة نظام الأسد فترة صمت انتخابي صباح الثلاثاء، تأهبا للاقتراع الأربعاء لاختيار رئيس جمهورية، في انتخابات شكلية من المتوقع أن تؤول لمصلحة بشار الأسد.
ووافق نظام الأسد على ترشح اثنين فقط لمنافسة بشار الأسد، هما عبد الله عبد الله، ومحمود مرعي.
وتقول وكالة “رويترز” إنه برغم ملء شوارع دمشق بصور للأسد ومنافسيه، كدلالة على وجود تنافسية في الانتخابات،غير أنه لا يساور أحدا أدنى شك في حقيقة الأمر في أن الانتخابات ستمدد رئاسة بشار رغم عشر سنوات من الحرب التي حولت البلاد إلى خراب.
وسوريا، التي تحكمها عائلة الأسد منذ خمسة عقود من الزمن، لا تكاد تشبه الدولة التي تولى بشار الأسد (55 عاما حاليا) رئاستها في عام 2000 بعد وفاة أبيه حافظ.
وفي بداية ولايته، تعهد بشار الأسد الذي جرى تجهيزه على عجل لتولي السلطة بعد وفاة شقيقه الأكبر في حادث سيارة، بالتحول عن نهج القبضة الحديدية الذي تبناه والده، حيث أتاح مساحة للمعارضة وقدم مبادرات للخصوم الغربيين.
غير أن الإصلاحات سرعان ما وُئدت، واندلعت الاحتجاجات على حكمه الاستبدادي في عام 2011 مع اجتياح الربيع العربي للمنطقة، لتتحول المظاهرات إلى مجازر أودت بحياة مئات الآلاف وشرّدت 11 مليونا، أي ما يعادل نحو نصف السكان.
واستعاد بشار الأسد السيطرة على معظم أنحاء البلاد بإسناد خارجي (أبرزه من روسيا وإيران)، حيث سيدلي بعض الناخبين بأصواتهم هذا الأسبوع في مراكز اقتراع تحيط بها المباني التي دمرها القصف.
بالنسبة لمناطق كثيرة من البلاد، فإن العمل يكفي بالكاد لشراء الطعام. كانت شطيرة الشاورما، المصنوعة من الدجاج أو اللحم المشوي على السيخ، في يوم من الأيام الوجبة الخفيفة التي اعتاد الناس شراءها من الشارع.
وقال علي حبيب (33 عاما): “هل تصدق أن ثمن شطيرة الشاورما حوالي نصف مرتبي”، مضيفا أنه يبلغ 20 ألف ليرة، في حين يبلغ راتبه الشهري كمُعلم بمدرسة حكومية 50 ألف ليرة، أو أكثر بقليل من 16 دولارا بسعر الصرف الرسمي.
وأصبح الغذاء المدعوم شريان حياة للكثيرين. واضطر حبيب، الذي تواصل مع مراسل لـ”رويترز” خارج البلاد مثل الآخرين في سوريا الذين تحدثوا في هذه القصة، لبيع بعض أثاث منزله لتوفير الطعام لزوجته وابنتيه.
وقال عبد الخالق حسونة، وهو من بلدة المعضمية القريبة من دمشق: “الوضع اليوم ليس أفضل حالا من الأيام الماضية، عندما كنا نعيش تحت الحصار والقصف”. وأضاف: “الوضع كان أفضل منه الآن”.
تنظر الحكومات الغربية ومعارضو الأسد السوريين إلى الانتخابات على أنها مصممة للتصديق التلقائي على حكمه. ويقيم كثير من هؤلاء المعارضين في الخارج حاليا لأنهم يقولون إن هذه هي الطريقة الوحيدة لتجنب أجهزة المخابرات المتغلغلة في الحياة في سوريا.
وقال وائل سواح وهو سجين سياسي سابق يقيم في المنفى بالولايات المتحدة: “البلد الذي يحكمه الأسد هو صور شبحية للبلد الذي كانت عليه سوريا قبل عشر سنوات.
“تغيرت البنية المجتمعية للبلد كما تغيرت هيكلية الاقتصاد والبنية الفوقية. إن الأسد يحكم بلدا آخر يسميه هو سوريا ولكنه شبح لما كانت سوريا عليه”.
ويقول بعض السوريين إن الهدف من الانتخابات هو توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما بأن الأسد لم ينكسر، وبأن سوريا ما زالت تعمل، حتى رغم وجود جيوب من القتال معظمها في الشمال.
وقال معن عبد السلام الذي يرأس مركز (إيتانا) البحثي السوري: “هذه الانتخابات المزيفة ليست موجهة للشعب السوري. هي رسالة للغرب لأنها أخذت نمط وشكل الانتخابات الغربية، حتى تعطي رسالة بأننا مثلكم ونشبهكم”.
ولم يكن هناك أي شيء يشبه النمط الغربي في نتائج الانتخابات الماضية. ففي انتخابات عام 2014، منحت النتائج الرسمية الأسد حوالي 89 بالمئة من الأصوات وسط إقبال على التصويت تجاوز الـ73 في المئة، برغم أنها أُجريت وسط قتال شرس. ووصفها المنتقدون بالتمثيلية.
وفي انتخابات هذا العام، ينافس الأسد كل من عبد الله سلوم عبد الله، الذي شغل منصب نائب وزير في السابق، ومحمود أحمد مرعي، وهو رئيس حزب معارض صغير يحظى بموافقة رسمية.
وأطلق الأسد أيضا سراح المئات ممن كانوا أنصاره لفترة طويلة من القضاة والموظفين العموميين، الذين اعتقلوا في وقت سابق هذا العام في حملة لإسكات الأصوات المعارضة في صفوف المعسكر الموالي له.