الرئيسية » الصين تسعى لجعل سوريا جزء من “مبادرة الحزام” فما هي هذه المبادرة؟

الصين تسعى لجعل سوريا جزء من “مبادرة الحزام” فما هي هذه المبادرة؟

أشار نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون آسيا والمحيط الهادي، بيتر بروكس، إلى أن الصين تنظر إلى سوريا من زاوية موقعها، والمنظمات الدولية التي تنتمي سوريا لعضويتها، بالإضافة إلى الثروات الطبيعية، مثل النفط الذي تبحث الصين باستمرار عن مصادر دائمة لتوريده.

ولفت بروكس إلى إن الصين متهمة بشكل كبير في “جعل سوريا جزء من مبادرة الحزام والطريق، وتأمين نوع من طرق النقل عبر العراق وإلى سوريا، والذي من شأنه أن يعطي الصين وصولا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط”.

وقال بروكس لموقع “الحرة” أن العلاقة مع نظام الأسد ستمنح “بكين حليفا حينما يتم انتقاد سجلها لحقوق الإنسان سيقف معها؛ هناك بالطبع رغبة للصين بأن تكون البديل للولايات المتحدة في المحيط الهادئ، وأيضا في الشرق الأوسط”.

وقال بروكس إن سوريا التي “لا تمتلك الكثير من الأصدقاء، تهتم جدا بالحصول على حليف قوي اقتصاديا وعسكريا إلى جانب روسيا، لموازنة الدور الروسي في البلاد”.

وأشار إلى أنها تبحث عن مساعدات اقتصادية وعن العون فيما يتعلق بمواجهة فيروس كورونا، وعن المساعدة في ملف إعادة الإعمار، ومع هذا “لم تفعل الصين الكثير حتى الآن”، وروسيا ستكون مهتمة بمراقبة العلاقة الناشئة مع الصين” في سوريا للمراحل المقبلة.

ويعتقد بروكس أن الصين تهدف من خلال تعزيز دورها في سوريا إلى محاولة “أخذ مكان الولايات المتحدة”.

وشدد على أن “الصين لديها سياسة خارجية انتهازية، وتبحث عن أصدقاء في الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، لتمرير مشاريعها أو عرقلة المشاريع المناوئة لها”.

ويقول الخبير والأكاديمي السوري، كرم شعار، إن “الصين استخدمت حق الفيتو 10 مرات بشأن سوريا، من أصل 16 مرة استخدمت فيها هذا الحق طوال تاريخها”.

وانضمت الصين إلى العضوية الدائمة لمجلس الأمن الدولي عام 1971، فيما اندلع الصراع السوري عام 2011.

“هذا يدل على أن الصين مهتمة جدا بسوريا” يقول شعار لموقع “الحرة”.

ويضيف الخبير السوري أن “الحديث عن دعم اقتصادي لسوريا من الصين ليس حديثا جديدا، لكن الزيارة برأيي هي دعم ديبلوماسي بالدرجة الأولى”.

وفي عام 2017، أعلنت الصين أنها ستستثمر ملياري دولار في سوريا، كما أن وزير الخارجية الصيني قال في نفس العام إن المجتمع الدولي يجب أن يدعم إعادة الإعمار في سوريا.

“لكن هذا لم يتحقق على أرض الواقع”، يؤكد شعار، مضيفا أن “المساعدات الصينية لسوريا لا تذكر مقارنة بالمساعدات الغربية، وهذا لأن أهمية النظام السوري لبكين هي “أهمية سياسية أكثر مما هي اقتصادية”.

كما أن لسوريا أهمية أمنية أيضا، بحسب شعار الذي يقول أن “عشرات الآلاف من المقاتلين في سوريا هم من آسيا الوسطى وهؤلاء تراهم الصين تهديدا كبيرا بالنسبة لها وهي تريد دعم الأسد لهزيمة هؤلاء الذين يتركزون خصوصا في منطقة أدلب”.

مخاطر الاستثمار الصيني
ويحذر الباحث السوري، سقراط العلو، من أن “الاستثمارات الصينية غالبا ما يتم ربطها باستحواذ الصين على موارد الدولة المقترضة، وبالتالي تقع الدولة تحت الهيمنة الصينية”.

ويضيف العلو لموقع “الحرة” “أعتقد أن توقيت الزيارة بعد فوز الأسد في الانتخابات، وبالتزامن مع أدائه القسم، يحمل رسالة دعم سياسي صيني للنظام السوري، ويمكن فهمه في إطار التحدي الصيني للسياسة الأميركية التي تفرض على حلفائها مقاطعة النظام السوري”.

وبحسب العلو فإن “زيارة وزير الخارجية الصيني قد تكون حاملة لموافقة بلاده على المشاريع التي طرحها الرئيس السوري في العام 2019، والمتعلقة بالبنية التحتية، على الجهات الصينية ضمن مشروع الحزام والطريق”.

وتعتبر سوريا، وفقا للعلو، “ممرا هاما” بالنسبة للصين، وهي جزء من ممرات ستة يتألف منها المشروع الذي “يمتلك أهمية خاصة لإيران” التي سترتبط بالصين عبر البر “ويكمل حلفاؤها في العراق وسوريا للوصول إلى البحر المتوسط”.

وقال العلو إن “مؤسسات عديدة دولية حذرت من مخاطر القروض الصينية وعدم شفافية شروطها، حيث تتم عبر مفاوضات سرية، ويمكن القول أن الصين تستخدم تلك القروض كأداة للهيمنة السياسية.

ويؤكد العلو إن “الصين دولة لا يعنيها في علاقاتها الخارجية سجل حقوق الإنسان، أو الحريات في البلدان التي تتعامل معها، وهنا مكمن الخطورة في دخول الصين إلى سوريا عبر عملية إعادة الإعمار، فالولايات المتحدة وأوروبا تستخدم ورقة الضغط الاقتصادي على النظام وبدون هذه الورقة وعبر الدعم الصيني سيتم تثبيت نظام الأسد وستتحول سوريا إلى ساحة من ساحات الصراع الغربي مع الصين وبالتالي ستتعقد الأزمة وسيطول عمرها”.

ويقول الخبير الاقتصادي والمستشار، أسامة القاضي، إن “الروس يتطلعون إلى دخول الصين بسبب التمويل الذي تمتلكه”، مضيفا أن “الروس أصبحوا تقريبا الوكلاء الحصريين للثروات السورية لهذا هم يريدون دخول الصين لأن دخولها يساعد الروس في ملفات مثل إعادة الإعمار”.

لكن الصين “لا تستطيع الدخول ولا تريد أو ترغب بالدخول في السوق السورية”، بحسب القاضي، “بسبب وجود العقوبات الأميركية التي لا يريد الصينيون أن تطال شركاتهم”.

ويقول القاضي لموقع “الحرة” إن “الزيارة الصينية كانت لإرسال رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية أنه بإمكانها دخول السوق والمساومة على الورقة السورية”.

ولا يعتقد القاضي أن الصين “جادة” في الاستثمار في الأراضي السورية، إلا إذا كان هناك “حل سياسي حقيقي” للصراع في سوريا، مضيفا أن “الصينيين أذكى من أن يستثمروا في أرض لا يوجد فيها استقرار”، وأن زيارة وزير الخارجية “لا يوجد لها ترجمة اقتصادية إلا بعد الحل السياسي”.

ويقول المحلل السياسي السوري المقيم في دمشق، عمار وقاف، إن “الصين لا تنظر لتحقيق مكاسب اقتصادية في سوريا بقدر ما تراها مكملاً لسياسة بكين في توسيع النفوذ الاقتصادي والسياسي عبر مبادرة الحزام والطريق”.

ويضيف وقاف لموقع “الحرة” من وجهة نظر الدولة السورية، ربما كان بإمكان الصين القيام بهذه الخطوة قبل الآن، ولعل القيام بها الآن بعد “تردد طويل” مؤشر لقناعة صينية بعدم “اتجاه الأمور نحو الأسوأ فيما يتعلق باستقرار سوريا السياسي”.

ويشير وقاف إلى أن “تزامن زيارة الوزير الصيني وطرحه مبادرة للحل في سوريا مع بدء الأسد بولايته الجديدة كان لافتا”، مضيفا أن “الدولة السورية بحاجة للاقتراض بغية تحقيق أهداف تنموية في وقت أسرع، في مقابل الاعتماد على الموارد الذاتية واستغراق العملية وقتاً أطول، وحيث أن نافذة الاقتراض من الدول الغربية مغلقة، ومعها المؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد الدولي، فإن دولا صديقة للدولة السورية كالصين وإيران وروسيا هي المنفذ الوحيد”.

لكن وقاف يقول إن “نشاط الصين في المنطقة ليس حكرا على سوريا، وقد زار وزير الخارجية الصيني دولا عربية أخرى، وهناك تحضيرات لقمة عربية صينية تعقد في السعودية في العام القادم”.

 

المصدر: موقع الحرة