أعلنت مصر والإمارات الخميس، خططاً تعزز من التوجه إلى الطاقة النظيفة، بإعلانهما البدء في مخططات استخدام الهيدروجين كمصدر لتوليد الطاقة، وكذلك استهداف الإمارات الاستحواذ على نصيب الأسد من سوق وقود الهيدروجين منخفض الكربون.
وزير البترول المصري، طارق الملا، أعلن أمام قمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب 26″، أن بلاده تعد خطة طموحة لاستخدام الهيدروجين كمصدر وقود وتوليد 42% من الطاقة الكهربية من الطاقة المتجددة بحلول 2030، فيما أعلنت الإمارات استهدافها الاستحواذ على 25% من سوق وقود الهيدروجين منخفض الكربون بحلول 2030.
واتخذت السعودية خطوات جريئة على طريق استخدام الهيدروجين، إذ بدأت في استخدامه في مدينة نيوم وكانت من أكثر الدول التي اتخذت خطوات فعالة وواضحة في هذا النطاق.
وتأتي تلك الخطوات ضمن توجه عدد من الدول العربية، على غرار مصر والإمارات والسعودية، بالتوجه نحو الهيدروجين كمصدر للطاقة النظيفة، في طريقها لخفض استهلاكها من الوقود الأحفوري والاعتماد على مصادر طاقة صديقة للبيئة.
وبحسب منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك”، ارتفع عدد الدول العربية المهتمة بالاستثمار في مشروعات إنتاج الهيدروجين إلى 7 دول لتشمل القائمة كلاً من الإمارات، والجزائر، والسعودية، والعراق، ومصر، وعمان، والمغرب.
فكيف يمكن استخدام الهيدروجين كمصدر للطاقة؟ وما الفرق بين الهيدروجين الأخضر ونظيره الأزرق أو الرمادي؟ وإلى أي مدى بدأت الدول العربية في استخدامه؟
خطة مصرية وأهداف إماراتية
الوزير المصري، قال إنَّ مصر تعد خطة عملية طموحة لاستخدام الهيدروجين باعتباره مصدر وقود منخفض الهيدروكربون، تتضمن الخطة التركيز على إنتاج الهيدروجين الأزرق على المدى القصير والمتوسط، وبالتالي، إنتاج الهيدروجين الأخضر في النهاية.
الملا أضاف خلال مشاركته في فعاليات القمة العالمية للمناخ ” كوب 26″ في جلاسكو، أنَّ مصر تتبنى برنامجاً طموحاً للطاقة الجديدة والمتجددة يستهدف توليد 42% من الكهرباء بحلول عام 2030 من الطاقة الجديدة والمتجددة.
في الإمارات أعلنت الوكالة الرسمية، أن الدولة النفطية تستهدف الاستحواذ على 25% من سوق وقود الهيدروجين منخفض الكربون بحلول 2030. وأضافت الوكالة أن الإمارات تنفذ أكثر من 7 مشروعات في مجال الهيدروجين تستهدف بها أسواق التصدير الرئيسية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا والهند، وأسواقاً أخرى في أوروبا وشرق آسيا.
وكتبت وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية مريم بنت محمد المهيري، على تويتر، “أطلقت الإمارات اليوم خريطة طريق تحقق الريادة في مجال الهيدروجين وهي خطة وطنية شاملة تهدف إلى دعم الصناعات المحلية منخفضة الكربون، والمساهمة في تحقيق الحياد المناخي وتعزيز مكانة الدول كمصدر للهيدروجين .. إنجاز جديد يضاف إلى مسيرة دولة الإمارات لحماية البيئة والعمل المناخي”.
كيف نحصل على الهيدروجين؟
يمكن الحصول على الهيدروجين من مصادر متعددة، بعضها صديق للبيئة ولا يتسبب في توليد أي انبعاثات ملوثة للبيئة مثل استخلاص الهيدروجين من المياه، حسبما ذكر دكتور محمد السبكي أستاذ هندسة الطاقة والرئيس الأسبق لهيئة الطاقة المتجددة في مصر لـ”الشرق”.
ويتم استخلاص الهيدروجين من المياه عن طريق عملية تقنية تعرف بـ” التحليل الكهربائي للمياه” وتحدث باستخدام تيار كهربائي لكسر المركب الكيميائي للمياه والذي يتكون من عنصري الهيدروجين والأكسجين بنسبة 2 إلى واحد، بحيث يتم فصل الهيدروجين عن الأكسجين، ويسمى الهيدروجين المتولد بهذه الطريقة بالهيدروجين الأخضر؛ لأنه لا ينتج عن توليده أي انبعاثات ملوثة للبيئة.
وخلافاً للغاز الطبيعي، يمكن حرق الهيدروجين دون ضخ انبعاثات كربونية في الهواء، كما يمكن إدارته من خلال خلايا الوقود اللازمة لتوليد الكهرباء، ولن يتسبب في إهدار شيء سوى الماء.
ويُنتَج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام محطات الطاقة الشمسية أو مزارع الرياح، ومن ثم يصبح وسيلة لتخزين كميات هائلة من الطاقة المتجددة بشكل أكثر مما تستطيع البطاريات الاحتفاظ به. ويعد الهيدروجين أحد أكثر العناصر الكيميائية وفرة في الطبيعة، لكن لا يعثر عليه منفرداً.
طرق ملوثة للبيئة
وأضاف السبكي، أن هناك طرقاً أخرى لاستخلاص الهيدروجين الصناعي مثل استخلاصه من الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي بشكل خاص ويسمى بـ”الهيدروجين الأزرق” أو “الهيدروجين الرمادي” وينتج عن هذه العمليات انبعاثات ملوثة للبيئة، وهناك كذلك “الهيدروجين الأصفر” والذي يرتبط إنتاجه بالطاقة النووية والتي لا تخلو بدورها من المخاطر ولذلك فإن “الهيدروجين الأخضر هو أفضل الأنواع وأكثرها حفاظا على البيئة.”
وأظهرت دراسة حديثة أن استخدام الهيدروجين بديلاً حيوياً في مجال الطاقة، قد يسبب انبعاثات لغازات الاحتباس الحراري أعلى من الصادرة عن الفحم، وندد القائمون على هذه الدراسة بـ”الهيدروجين الأزرق” لأنه “من الصعب تبرير استخدامه لأسباب مناخية”، وفق ما جاء في مقال نشر في مجلة “إينرجي ساينس آند إنجينيرينج” الجامعية.
كيف تستفيد مصر من الهيدروجين؟
محمد علي فهيم الخبير المصري ورئيس مركز تغير المناخ والطاقة المتجددة، قال لـ”الشرق”، إن خطة مصر لاستخدام الهيدروجين تأتي كجزء من التوجه العام لاستبدال طاقة الوقود الأحفوري بطاقات نظيفة ومتجددة وهو ما من شأنه أن يساعدها في الحصول على الاستثمارات الأجنبية التي يشترط كثير منها حالياً أن تكون الدولة داعمة للاقتصاد الأخضر.
هل هناك استخدام للهيدروجين في الدول العربية؟
يشير فهيم، إلى أن الدول الخليجية لا سيما السعودية والإمارات كانت سباقة في مجال التحول للهيدروجين، قائلاً إن الإمارات بدأت بالفعل في استخدام الهيدروجين في محطتها لتوليد الطاقة الشمسية بمدينة مصدر في إمارة أبو ظبي والتي تعد من أكبر محطات الطاقة الشمسية عالمياً.
وأضاف أن مصر أيضاً بدأت تتجه للهيدروجين وعقدت بالفعل عدداً من الاتفاقيات مع دول ذات خبرة في هذا المجال.
ويقول الخبير المصري، محمد السبكي، إن السعودية بدأت في استخدام الهيدروجين في مدينة نيوم وكانت من أكثر الدول التي اتخذت خطوات فعالة وواضحة في هذا الصدد.
كما تخطط دول عربية أخرى للبدء في الاعتماد على طاقة الهيدروجين الأخضر، ونقل هذه التكنولوجيا إليها مثل سلطنة عمان التي أعلنت خطتها لبناء واحد من أكبر مصانع الهيدروجين الأخضر بالعالم بتكلفة 30 مليار دولار، على أن يبدأ العمل فيه عام 2028.
ويستهدف المشروع إنتاج 1.8 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً، حسبما ذكر جمال النوايسة، الخبير والباحث الأردني في شؤون التغير المناخي ورئيس جمعية استثمار الطاقة المتجددة والبيئة، لـ”الشرق”.
وأشار النوايسة، إلى أنه في الأردن يواجه توليد الهيدروجين من المياه تحديات قائلاً “الصعوبة تأتي من عدم وجود أماكن لإقامة مصانع لتحليل الماء وذلك لصغر المساحة المائية المتاحة في خليج العقبة ولكن هناك دراسات أجريت لبحث إمكانية سحب المياه إلى الصحراء الأردنية ومعالجتها في أحواض للتحلية والتحليل لاستخراج الهيدروجين الأخضر”.
تحديات عربية
التحدي الأكبر الذي يواجه الطاقات المتجددة، بحسب الخبير المصري، محمد علي فهيم، هو ارتفاع التكلفة وفيما يخص الهيدروجين، قال إن “التقنيات الخاصة بتوليد الهيدروجين ما زالت غير واضحة وليست متوطنة في أكثر الدول العربية، كما أنها عالية التكلفة وتتطلب تطوير الصناعات نفسها التي يمكن أن تعتمد على الهيدروجين”.
والصعوبة الأبرز في رحلة إنتاج الهيدروجين الأخضر تتمثل في تطلّب عملية “التحليل الكهربائي” والتي تتطلب قدراً ضخماً من الطاقة الكهربائية، وهو ما صعب من إنتاجه في الماضي، غير أن الأمر أصبح ممكناً مؤخراً بتوفر كميات فائضة من الكهرباء في شبكات التوزيع، بحسب تقرير لمجلة “ساينتفيك أميركان”.
المصدر: الشرق