يحتشد الباحثون ضد الهندسة الجيولوجية الشمسية كوسيلة لمكافحة تغير المناخ.
وتريد مجموعة دولية من العلماء والخبراء من جميع الدول التوقيع على ميثاق يحظر التمويل العام ونشر الهندسة الجيولوجية الشمسية، بالإضافة إلى التجارب الخارجية التي تدور حول طرق “تعتيم الشمس”.
في ماهية الهندسة الجيولوجية الشمسية
باختصار، ومن دون الإغراق في التفصيلات العلمية، تشير غالبية موسوعات المعرفة إلى أن هندسة المناخ أو التدخل المناخي، الذي يشار إليه عادة بالهندسة الجيولوجية، هي التدخل المتعمد واسع النطاق في نظام المناخ على الأرض، التي تهدف عادة إلى تخفيف الآثار الضارة الناجمة عن الاحتباس الحراري.
رسالة مفتوحة
وكتب الباحثون في رسالة مفتوحة نُشرت في مجلة Wiley Interdisciplinary Reviews: Climate Change هذا الأسبوع: “الهندسة الجيولوجية الشمسية على نطاق الكواكب ليست قابلة للحكم بطريقة شاملة وعادلة عالميا ضمن النظام السياسي الدولي الحالي”.
ويهدف مفهوم الهندسة الجيولوجية الشمسية إلى خفض درجات الحرارة على الأرض باستخدام التكنولوجيا الحديثة لتقليل ضوء الشمس القادم. وتشمل المقترحات رش الهباء الجوي في الستراتوسفير لوقف انتشار الطاقة الشمسية. ويرى البعض أن هذا رد فعل محتمل على ظاهرة الاحتباس الحراري.
لكن معدي الرسالة حذروا من “الشكوك” المحيطة بتأثيرات مثل هذه التقنيات على الطقس والزراعة وإمدادات الغذاء والمياه.
وجادل الخطاب بأن أفقر دول العالم ستترك معرضة للخطر بشكل كبير ما لم تضع الدول القوية التكنولوجيا بمثل هذا الحجم الكوكبي تحت السيطرة الدولية.
وطرحت مقترحات لدراسة الهندسة الجيولوجية الشمسية مؤخرا من قبل وسائل الإعلام وسط COP26، وهي قمة الأمم المتحدة الرئيسية لتغير المناخ في اسكتلندا في نوفمبر من العام الماضي.
وفي مارس، أصدرت الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب (NASEM) تقريرا يوصي باستثمار 100 إلى 200 مليون دولار في أبحاث الهندسة الجيولوجية الشمسية على مدى خمس سنوات كجزء من صياغة “مجموعة قوية من سياسات التخفيف والتكيف مع المناخ”.
وجادلت NASEM بأن التجارب الخارجية التي تتضمن إطلاق مواد في الغلاف الجوي يجب أن تكون محدودة وتخضع لتنظيم صارم.
وأكدت NASEM أن الهندسة الجيولوجية الشمسية لا ينبغي أن تكون بديلا لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
خطة غيتس لحجب أشعة الشمس تثير مخاوف عالمية
يخطط باحثون لتطبيق خطة (تبدو وكأنها خيال علمي) تتضمن قيام نحو 800 مركبة ضخمة بنقل ملايين الأطنان من غبار الطباشير إلى ارتفاع 19 كم فوق سطح الأرض ثم رشها في أنحاء الستراتوسفير.
ومن الناحية النظرية، فإن الغبار المنقول جوا سيخلق ظلا شمسيا هائلا، يعكس بعضا من أشعة الشمس والحرارة باتجاه الفضاء، ما يمكن أن يحمي كوكبنا من ويلات تدهور حرارة المناخ.
ويجري تمويل المشروع، الذي قد يصبح حقيقة واقعة خلال عقد من الزمن، من قبل الملياردير ومؤسس شركة “مايكروسوفت”، بيل غيتس، وبقيادة علماء من جامعة هارفارد.
– كيف ولدت فكرة هذا المخطط المحير؟
شكلّ ثوران بركان Mount Pinatubo في الفلبين عام 1991، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 700 فرد وتشريد أكثر من 200 ألف شخص، مصدر إلهام كبير وأعطى العلماء فرصة لمراقبة عواقب السحابة الكيميائية الشاسعة في الستراتوسفير.
وأطلق البركان 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت فوق الكوكب، مشكلا قطرات من حامض الكبريتيك التي انتشرت في جميع أنحاء العالم لأكثر من عام. ولعبت القطرات هذه دورا مميزا مع تشكيلها “مرايا صغيرة” عاكسة لضوء الشمس.
ونتيجة لذلك، انخفضت درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.5 درجة مئوية، على مدى عام ونصف العام، ما أعطى حافزا لفكرة “إصلاح” التغيرات في الاحترار العالمي.
ولكن أحد المخاوف الرئيسية حول نشر الغبار في طبقة الستراتوسفير، يتمثل في أن يؤدي إلى إتلاف طبقة الأوزون التي تحمينا من الأشعة فوق البنفسجية الخطرة، التي يمكن أن تلحق الضرر بالحمض النووي البشري وتسبب السرطان.
وعبّر علماء المناخ عن قلقهم من أن هذا العبث في المناخ، يمكن أن يعطل حركة تيارات المحيط التي تنظم طقسنا، عن غير قصد. وهذا في حد ذاته يمكن أن يطلق العنان لظهور عالمي للأحداث المناخية الشديدة، التي قد تدمر الأراضي الزراعية وتزيل أنواعا بأكملها وتعزز الأوبئة المرضية.
ويمكن أن يكون العلماء قادرين على تهيئة الظروف المناخية المثالية للمزارعين في الغرب الأوسط الشاسع لأمريكا، ولكن في الوقت نفسه قد يتسبب هذا الوضع بدمار واسع في جميع أنحاء إفريقيا.
وعلاوة على ذلك، فإن أي تغيير في متوسط درجة الحرارة العالمية سيؤدي بدوره إلى تغيير الطريقة، التي يجري بها توزيع الحرارة في جميع أنحاء العالم، مع ارتفاع درجة حرارة بعض الأماكن أكثر من غيرها، وهذا بدوره سيؤثر على منسوب هطول الأمطار.
ولا توجد وسيلة للتنبؤ كيف يمكن للطقس الطويل الأجل في العالم، أن يستجيب لوجود مظلة كيميائية عملاقة تطفو فوق الأرض.
ومع ذلك، يصر علماء هارفارد على أنهم يستطيعون إدارة بنات أفكارهم بأمان.
واقترح أحد قادة فريق SCoPEx، ديفيد كيث، أستاذ الفيزياء التطبيقية، على الدول الأكثر ثراءً في العالم أن تتعاون معًا لإنشاء صندوق تأمين عالمي مُجمَّع، لتعويض الدول الفقيرة عن أي ضرر قد يطرأ عن تجربة الدرع الواقي من الشمس.
المصدر: ديلي ميل – rt – متابعات شهبا برس