نزوح الشعب السوري ، معاناة بدأت ولا إشارات تدل على قرب نهايتها.
نزحوا هرباً من بطش قوات النظام وميليشياته الطائفية الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد، غير ملتفتين إلى حجم المرارة والمعاناة التي ستلحق بهم جراء مجاورة العراء.
كانت بشرى خير للكثير من الأسر الهاربة بحثاً عن الأمان عندما بدأ تحرير المدن والبلدات وخاصة الشمال السوري، وشهدت هذه الفترة عودة الكثير منهم إلى منازلهم.
ولكن الأسد وبراميله كانوا بالمرصاد ليزيد معاناة شعبٍ كان عظيم ذنبه أن قال: أبحث عن كرامتي .
أسلوب قمعي جديد ما عرفه تاريخ البشرية ، براميل ممتلئة بالمواد المتفجرة والنفطية كفيلة بتدمير بناء قائم، تسويه مع الأرض بلمح البصر.
وهاهي حقبة جديدة يعرفها تاريخ النزوح للعائلات السورية، الهروب ممن لبسوا ثوب النصرة للمظلوم الذين أخطأت سكاكينهم رقاب الطغاة من قتلة الشعب السوري المقهور لتحزّ سكاكينهم رقاب الأبرياء، فإن كانت براميل الأسد قد انتقمت ممن نشد كرامة وهوية مفقودة، فبأي ذنب أعملوا جنود تنظيم الدولة سلاحهم بشعب أصبح يرى من الموت خلاصاً.
الكثير من الأُسر في الشمال السوري شكّلوا طوابير باتجاه الشريط الحدودي التركي ليعيد ذلك إلى الأذهان جحافل الأسد عندما أعملت آلة القتل والقمع في البلاد.
كل يعمل على شاكلته، سيذكر التاريخ من نصر المظلوم ووقف في وجه الطغاة مع اختلاف ألوانهم، وسيذكر التاريخ من قتل وهجّر وظلم، وسيذكر التاريخ أيضاً من خذل هؤلاء البسطاء ومن سرق قوتهم وإعانتهم واتخذ منهم ذريعة للمزاودة والارتزاق باسمهم، لن ينسى أن يفتح صفحة خاصة بقطاع الطرق الذين انتشروا في المخيمات ليقاسموهم لقمة العيش المغمسة بالامتهان وليأخذوهم كرهينة في كثير من الأحيان.
وما حدث اليوم في مخيم باب الهوى الحدودي لهو دليل على ذلك, أناس تعبوا وأنفقوا لتأسيس مخيمات آمنة بعيدة عن قصف طيران النظام الذي زار خيامهم في أكثر من مناسبة وآخرون يمنعوهم من الخروج إلى الأمان بقوة السلاح حتى تبقى السرقة باسمهم .
واليوم بلغت المسألة ذروتها عندما قام قطاع الطرق ممن سكنوا المخيم " باب الهوى " بإقامة حاجز مسلح لقطع الطريق على المارة في المعبر وعندما حاول عناصر المحكمة إجلاءهم إلى المخيمات المخصصة قاموا بفتح النار عليهم.
عندما انتفض الشعب وكسر القيود، كان مستعدّا لدفع الضريبة فالرصاص والبراميل بشرف أهون ألف مرة من حياة ذل القريب والبعيد.
لك الله ياشعب كثرُ طاعنوه وقل مناصروه .