الرئيسية » صواريخ بوتين سقطت في واشنطن؟

صواريخ بوتين سقطت في واشنطن؟

في المعيار الجيوسياسي ليس من المبالغة القول إن صواريخ كروز التي اطلقتها روسيا من بحر قزوين على مسافة أكثر من ١٥٠٠ كيلومتر سقطت في حدائق البيت الأبيض قبل ان تنفجر في سوريا، فها هو فلاديمير بوتين يقول أمس ساخراً إن الاستخبارات الاميركية لا تعرف كل شيء ولا يتعيّن عليها ذلك!

من المؤكّد ان هذا يحدث دوياً مقلقاً داخل حلف شمال الاطلسي الذي يواصل تجرّع مرارة التحدي البوتيني في أوكرانيا، فالتدخل الروسي في سوريا أكّد تحدياته الفورية في تركيا العضو في الحلف مرتين: الأولى عندما خرقت مقاتلات، "السوخوي" أجواء اردوغان مرتين، والثانية عندما طلبت موسكو من واشنطن الخروج من الأجواء السورية عندما ينشط طيرانها في عملياته!

عندما يمضي بوتين بهذا الأسلوب الإقتحامي الواسع يصبح من الواضح جداً أنه لم يبدأ حربه في سوريا لأهداف تتعلق بالرئيس بشار الأسد ونظامه، ولا بما يمكن ان تفضي اليه هذه الحرب من تسوية سياسية في النهاية قد لا يكون الأسد من عناصرها، بل لأهداف تتصل بسعيه العنيد للعودة الى قواعد حقبة "الإستقطاب الثنائي" التي كانت سائدة قبل انهيار الإتحاد السوفياتي.

العناصر التي شجعته على ذلك، اولاً سياسة التردد الدائم والإنكفاء التصاعدي التي طبقتها إدارة باراك أوباما من القرم الى اوكرانيا وصولاً الى سوريا ومروراً بتعثرها المريع في ليبيا ورهانها الأعمى على "أخونة" المنطقة إنطلاقاً من مصر، وثانياً الفشل الذريع في مواجهة "داعش" والإرهابيين وهو ما جعل الكثيرين يعتبرون ان ادارة أوباما ليست مستعجلة لضرب "داعش" بل منهمكة في استعماله لنبش الأحقاد والكراهيات توصلاً الى اشعال فتنة بين السنّة والشيعة في المنطقة كلها!

في ١٠ أيلول من العام الماضي أعلن أوباما قيام "التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب" وقد جاءت نتائجه الميدانية معيبة توازي على الأقل فضيحة إعلاناته الخادعة عن تدريب المعارضة السورية المعتدلة، والآن بعد المحادثات بين بوتين والأمير محمد بن سلمان ثم مع الشيخ محمد بن زايد، يبدو واضحاً ان بوتين يسعى لإقامة تحالف ضد الإرهاب يقوم على حطام التحالف الذي أعلنه أوباما، فهو يجري اتصالات دورية في هذا السياق مع عبد الفتاح السيسي، ويستعد لاستقبال الشيخ تميم بن حمد، وينهمك في اتصالات مكثفة مع عدد من العواصم العربية بهدف إقناعها بالإنضمام الى التحالف بين موسكو وطهران وبغداد ودمشق!

الأهم والأعمق من مصير الأسد هو النتائج المتصلة بقرار بوتين تعويم الدور الإستقطابي الروسي على المستوى الإستراتيجي، فعندما تتوارى المقاتلات الأميركية من الفضاء السوري تقريباً، وتنطلق الصواريخ من قزوين الى سوريا فوق رؤوس الأطلسيين، ليس كثيراً القول إنها سقطت في حدائق البيت الأبيض!