أعلن أمس عن تشكيل «الجيش السوري الديموقراطي» (جسد) الذي يضم حوالى 50 ألف مقاتل كردي – عربي نصفهم من «وحدات حماية الشعب» الكردي استعداداً لاقتحام مدينة الرقة عاصمة تنظيم «داعش» في شمال شرقي سورية بالتنسيق مع غارات التحالف الدولي، وسط معلومات عن إلقاء طائرات أميركية آلاف الأطنان من الذخيرة لهؤلاء المعارضين.
وأكد رئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم لـ «الحياة» أن التحالف «خطوة يجب أن تتسع بحيث تضم جميع القوى المؤمنة بسورية ديموقراطية علمانية بعيدة من التطرف» وتشكل مع الإدارات الذاتية نموذجاً للبلاد، في وقت قال قائد «وحدات حماية الشعب» سيبان حمو لـ «الحياة» إن اتصالات تجري مع التحالف الدولي لتحديد ساعة الصفر لطرد «داعش» من الرقة والمتوقع «خلال أسابيع».
ويضم «جسد»، ثمانية فصائل، هي: «وحدات حماية الشعب» و «وحدات حماية المرأة» (25 ألف مقاتل ومقاتلة) والتي تتبع الإدارات الذاتية الكردية التي اقترحها «حزب الاتحاد الديموقراطي»، و «التحالف العربي السوري» (1200 مقاتل في الحسكة) و «جيش الثوار» (2500-3000 مقاتل في ريف حلب وحدود الرقة) و «غرفة عمليات بركان الفرات» (4-5 آلاف مقاتل) و «قوات الصناديد» (700 مقاتل) و «تجمع ألوية الجزيرة» (700 مقاتل مبدئياً ويمكن أن يزيد العدد بضم عشائر) و «المجلس العسكري السرياني» (1500 مقاتل). وأعلنت هذه الفصائل في بيان أن «التطورات المتسارعة على الساحتين العسكرية والسياسية… تفرض بدورها أن تكون هناك قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين تجمع بين الكرد والعرب والسريان وكافة المكونات الأخرى على الجغرافية السورية، ذلك بهدف الوصول إلى سورية ديموقراطية».
وجاء تشكيل هذا التحالف بعد قرار إدارة أوباما التخلي عن برنامج وزارة الدفاع تدريب وتسليح خمسة آلاف سنوياً من المعارضة السورية بموازنة قدرها 500 مليون دولار أميركي رصدها الكونغرس، في مقابل التركيز على دعم «مجموعة مختارة من قادة الوحدات» لتنفيذ هجمات منسّقة ضد مناطق سيطرة «داعش». وقال مسؤول غربي لـ «الحياة» إن مستشاري أوباما انحازوا إلى خيار تشكيل هذا التحالف لـ «السيطرة على الرقة وطرد داعش منها بحيث يُقدّم هذا كنصر رمزي كبير لإدارة أوباما بعد تدخل روسيا عسكرياً في سورية»، في وقت يركّز الطيران الروسي حالياً على دعم القوات النظامية في التقدم على محورين: عزل ادلب بعد محاولة التقدم من ريف حماة الشمالي ومن سهل الغاب، وعزل حلب بعد التقدم من محور حريتان وقريتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب قرب حدود تركيا. وقال المسؤول إن التحالف العسكري السوري – الروسي أرجأ السيطرة على تدمر الخاضعة لسيطرة «داعش» في مرحلة إلى ما بعد «عزل» حلب وادلب، مع إشارته إلى أن «داعش» الذي سيطر على المنطقة الحرة ومحيطها في ريف حلب الشمالي الشرقي «سلّمها» أمس إلى القوات النظامية.
في المقابل، تكثّفت الاتصالات في غرفة العمليات بين الجانب الكردي والتحالف الدولي ضد «داعش» لوضع اللمسات الأخيرة على خطة «الجيش السوري الديموقراطي» لاقتحام الرقة. وبين الأمور التي يجري العمل عليها حالياً تأكد قيادة «وحدات حماية الشعب» من أن قوائم المقاتلين التي قُدّمت اليهم من المقاتلين العرب والسريان صحيحة لبدء تنسيق العمليات العسكرية بحيث يكون المقاتلون العرب في مقدمة اقتحام الرقة لتخفيف الحساسيات الكردية – العربية. كما يضع الجانب الكردي أمر «حماية الأكراد» في ريف حلب في أولوياته، بحيث لا يجري استغلال التقدم إلى الرقة لشن معارك ضد الأكراد في ريف حلب خصوصاً في مناطق الشهباء وجرابلس والشيخ مقصود (داخل حلب). وقال مسؤول كردي: «لدينا شكوك في شأن أسباب تريث التحالف الدولي في وقف هجمات المتطرفين على الأكراد في ريف حلب».
وفي شأن التنسيق بين القوات البرية وضربات التحالف الدولي على الرقة. أوضح حمو في حديث هاتفي أجرته «الحياة»، أمس، أن اتصالات مكثفة تجري لـ «تحديد ساعة الصفر، التي ستكون خلال أسابيع، لبدء معارك السيطرة على الرقة»، لافتاً إلى أن «الجيش السوري الديموقراطي» ضم جميع الفصائل التي «تؤمن بسورية ديموقراطية وعلمانية لكل مكوناتها وشعبها، بحيث أن هذا التشكيل يمكن أن يقدم أجوبة على كثير من الأسئلة والفراغ خصوصاً بعد التطورات الأخيرة» في إشارة إلى التدخل الروسي. وعليه، لا يرى قائد «وحدات الحماية» التي تضم 50 ألف مقاتل خُصص منهم 25 الفاً ينتشرون في ريفي عين العرب (كوباني) والرقة للمشاركة في اقتحام عاصمة «داعش»، «أي حل عسكري للأزمة السورية، بل الحل سياسي يتضمن الوصول إلى دولة ديموقراطية».
ويبحر المسؤولون الأكراد بين «ألغام» من الاعتبارات العسكرية والسياسية باعتبار أن «وحدات الحماية» تتقاسم مع النظام السوري السيطرة على الحسكة التي تتعرض لغارات من التحالف الدولي (ضد مواقع داعش فيها). كما أن القيادة الكردية تجري اتصالات سياسية مع الجانب الروسي كان آخرها لقاء صالح مسلم مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في باريس قبل أيام، في وقت يجري تنسيق عسكري بين قادة عسكريين أكراد وأميركيين إزاء محاربة «داعش»، كما حصل في تحرير كوباني بداية العام.
ويعول داعمو تحالف «جسد» على «دعم العملية السلمية ومساعي المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا عندما يجري الحديث عن تشكيل جيش سوري وطني لمحاربة الإرهاب كما هي حال مجموعته الرابعة: الأمن ومحاربة الإرهاب»، بحسب مسؤول كردي، مع العلم أن دي ميستورا سيلتقي في موسكو اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يدعم اقتراح اللجان الأربع التي أعلن «الائتلاف الوطني السوري» المعارض مقاطعتها مقابل موافقة النظام على المشاركة فيها باعتبارها «عصفاً فكريا غير ملزم». وبحسب مسؤولين أكراد، فان مشروعي الإدارات الذاتية الكردية و «الجيش السوري الديموقراطي» يمكن أن يشكلان نموذجاً لمستقبل سورية، إضافة إلى أن «الروس يعرفون مطالب الأكراد وسيقبلون في المدى البعيد بالإدارة الذاتية جزءاً من سورية المستقبل، سورية الديموقراطية العلمانية البعيدة من التطرف».