الرئيسية » المعارضة السورية في الرياض تستعدّ لمرحلة ما بعد الأسد: راقبوا بوتين!

المعارضة السورية في الرياض تستعدّ لمرحلة ما بعد الأسد: راقبوا بوتين!

إذا نجحت أطياف المعارضة السورية في الاتحاد حول موقف واحد وتشكيل وفد يمثل الجميع للمشاركة في جولة المفاوضات الجديدة في 18 الشهر المقبل، فتكون قد جهزت السلاح الأقوى بوجه النظام السوري، علماً أن انقطاع الأوكسجين الايراني- الروسي عن الأخير سيكون كافياً لإخراجه من غرفة العناية المركزة وتكفينه.

 

هي "الفرصة الأخيرة" كما وصفها البعض لتوحيد الموقف، فمجموعة دول فيينا كانت واضحة مع المعارضة، بأنه في حال لم تتوحّد في وفد ورؤية مشتركة، فإنها ستشكل الوفد الذي تراه مناسباً، ويبدو أن المجتمع الدولي قد اتخذ قراره الجدي في الوصول إلى حلٍّ سياسي للأزمة السورية بعدما وصلت دماء الارهاب أعلى أذني الدول الغربية.

 

وسارعت السعودية إلى المبادرة في جمع غالبية أطياف المعارضة السورية السياسية منها والعسكرية، بهدف توحيد موقفها قبل المفاوضات في نيويورك وتشكيل وفد يمثل المعارضة هناك، وذلك في مؤتمر تعقده اليوم والغد في الرياض، ويضمّ ممثلين للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي، ومؤتمر القاهرة الذي يضمّ معارضين من الداخل والخارج، ومستقلّين وممثّلين عن فصائل "الجيش السوري الحرّ" و"أحرار الشام" و"جيش الاسلام" ومجموعات مستقلة أخرى.

 

الائتلاف: "لا فيتو على معارضين"

المهمة ليست سهلة على السعودية أو ضيوفها، لكن المساعي حاضرة وايجابية، إذ أكد رئيس الائتلاف خالد خوجة من الرياض، "وجود رؤية توافقية وبدرجة كبيرة نحو الحلّ السياسي"، كما أكّد الأمين العام للائتلاف يحي مكتبي لـ"النهار" حرص الائتلاف على توصّل المؤتمر الى غاياته "وسنحاول التوصل الى قواسم مشتركة، خصوصاً في ما يتعلّق بأمور المرحلة الانتقالية"، مشدداً على أن "لا فيتو على معارضين، لكن من غير المقبول ان يكون طرف ما تحت مسمى المعارضة جسراً لإعادة تأهيل نظام مجرم".

ويقول: "نتلمس حراكاً سياسياً متقدماً"، معتبراً أن "ما دفع في هذا الاتجاه هو الاكتشاف الروسي بعدم وجود جيش فعلي لدى النظام السوري، بل بقايا ميليشيات طائفية ومتعدّدة الجنسيات، وهذا الامر يصعّب ايّ تفكير جدي بعملية برية تتوج القصف الجوي".

 

المهمة صعبة

بالنسبة إلى هيئة التنسيق "المهمة ليست سهلة على السعودية، خصوصا أنها تركت بعض الفصائل الاساسية على الأرض مثل القوات الكردية وجبهة التغيير والتحرير وقوى أخرى"، بحسب ما قال عضو المكتب التنفيذي في الهيئة منذر خدام، وعلى الرغم من ذلك، يأمل خدام في حديث لـ"النهار" أن "تنجح المبادرة وسنسعى ما نستطيع لإنجاح المسألة خصوصا أنها الفرصة الأخيرة، لأنه كما قيل لنا إذا لم تتفق المعارضة على تشكيل وفد من تلقاء نفسها سيُملى عليها ذلك وتشكل ودول مجموعة فيينا الوفد". ويتمنى أن "تنجح السعودية في تشكيل وفد وازن معه خطة تفاوضية، يستطيع فعلاً أن يعبّر عن مطالب الشعب السوري في شكل سليم".

المؤتمر سيركز على مسألتين، الأولى: تشكيل وفد من نحو 20 أو 25 شخصاً للمشاركة في مؤتمر نيويورك، والثانية: التوصل إلى رؤية مشتركة للتفاوض مع النظام. ولدى الهيئة وثائق مكتوبة ستقدّمها بناء على طلب الأطراف الدولية والمبعوث الأممي دي مستورا، ويوضح خدام: "اعددنا استراتيجية وتكتيك للتفاوض لأن ما يهمنا هو نجاح المفاوضات".

السعودية تريد إنهاء الأزمة بحلٍّ سياسي، ويوضح المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي لـ"النهار" أن "فكرة المؤتمر ليست توحيد المعارضة بمعنى الخروج بفصيل واحد، انما توحيد الرؤى اولاً والمرجعية التي يستند اليها الوفد السوري المفاوض لتنفيذ جنيف 1"، مشيراً إلى أن "الفكرة تتمثل بتشكيل مرجعية يُستند إليها في مشروعيتها".

 

حضور "الأحرار" و"جيش الاسلام"

الأنظار كانت موجهة نحو مشاركة حركة "أحرار الشام" و"جيش الاسلام" في المؤتمر، خصوصاً أن فئات كثيرة تدرج الفصيلين في دائرة الفصائل الاسلامية المتطرفة، وروسيا تعتبرهما "ارهابيين" بقصفها المتواصل لهما. وعلى الرغم من ذلك يقول خدام: "اذا استطعنا أن نجذب أيّ فصيل مسلح إلى طريق الحل السياسي فهذا مكسب، بصرف النظر عن التصنيفات من ارهابي او غير ارهابي، فالمعيار الآن هو من يقبل بالحلّ السياسي ومن لا يقبل به". ويضيف: "على كلّ حال الأردن مكلّف من مجموعة فيينا أن يقدم جدولاً بالقوى الارهابية والقوى غير الارهابية، كما سيقدّم لائحة ايضا بأسماء قوى المعارضة إلى مؤتمر نيويورك".

أما خاشقجي فيعيد سبب مشاركة الفصيلين إلى أنهما "يشكّلان مع بعضهما أكثر من نصف الثورة السورية، وهما ليسا فصيلين عسكريين فحسب، بل لديهما منظمات مدنية على الارض السورية وانصار واتباع، ويقدّمون الخدمات من المحاكم إلى الحماية والغذاء والدواء، ويتواجدون في المناطق المحررة، وبالتالي لا يعقل أن يبرم أيّ اتفاق من دونهم إلى جانب باقي فصائل الجيش الحر"، مشيراً إلى أن "القوى العسكرية تأتي إلى الرياض لتمثل المجتمع السوري وليس لأنها عسكرية فحسب".

 

غياب "النصرة"

ماذا عن "جبهة النصرة"؟ يجيب خاشقجي: "لديها مشكلتان حادتان، اولا انها مرتبطة تنظيمياً مع "القاعدة"، وهذا يجعلها في حكم المنظمة الارهابية؛ ثانيا لديها رؤية معزولة عن باقي المجتمع السوري، فهي ليست تشاركية وغير مستعدّة لحلٍّ تشاركي مع باقي القوى الوطنية السورية، ما يعني انها صالحة في القتال وليس في السياسة". ويضيف: "النصرة مهمة في بعض الجبهات لكنها ليست اللاعب الاساسي في الثورة السورية، ولا تقارَن بأحرار الشام أو جيش الاسلام اللذين لا يصطدمان بها لظروف الحرب".

 

لحظة انهيار النظام

بالنسبة إلى خاشقجي المتابع بدقة الوضع في سوريا، فإن "اللحظة التي يوافق فيها الاسد وحلفاؤه الايرانيون والروس على مرحلة انتقالية ستكون بداية النهاية لهذا النظام"، مرجحاً أن يرفض حلفاء النظام الحلّ الانتقالي، ويضيف: "بصرف النظر عن مدّتها فإن المرحلة الانتقالية ستفكّك النظام لأنه ليس ديموقراطياً قائمًا على مرحلة تنتهي خلال مدة زمنية، بل هو نظام شمولي يريد أن يبقى ما بقي من الزمن، وبالتالي ما أن يتلفّظ أحد من داخل النظام بالموافقة على مرحلة انتقالية تنتهي في موعد محدّد، سينهار النظام قبل أن يأتي هذا الموعد".

وبعد التدخّل الروسي لم يعد كلام النظام مهماً، بل يقول خاشقجي: "راقبوا ما سيقوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين". ويضيف: "إذا قرّر أهل موسكو ان تكون مرحلة انتقالية فحينها ستنفرج الاسارير ويكون الحلّ قد اقترب، أما ما يقوله بشار ونظامه فليس مهماً".

 

وقف إطلاق النار بداية النهاية

يسعى الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون إلى الوصول لوقف لاطلاق النار بداية العام المقبل، ويعتبر خدام أن هذا الأمر "كان ملحوظاً في بيان فيينا وكان من المفترض أن يكون جزءاً مكملاً لتشكيل حكومة انتقالية أو برعايتها كي تشرف عليه، لكن يبدو أن هناك اطرافا دولية وخصوصا الاميركية مستعجلة لاصدار وقف اطلاق نار، ولا نعلم ما هو موقف الروس من الأمر، وربما يطرحون الأمر في مؤتمر نيويورك، خصوصا أن اميركا هي التي ترأس الآن مجلس الامن"، ويشدد على أن "أهمية وقف إطلاق النار يعود إلى إنه سيحدّد من مع الحل السياسي ومن سيعاكسه، وسيكون نوعا من التصنيف على الارض للقوى الارهابية من غير الارهابية".

وبالنسبة إلى خاشقجي "سيكون وقف اطلاق النار بداية أيّ حلٍّ جادٍّ"، مشيراً إلى أهمية "اصدار قرار اممي يعاقب من لا يلتزم لأن ذلك يصبّ في مصلحة الثورة التي أساسها سلمي"، ويعتبر أن "امكانية نجاح وقف إطلاق النار يدفعنا إلى مراقبة ما يريده الروس، لأن وقف اطلاق النار سيكون بداية النهاية للنظام".

ماذا عن "داعش"؟ يجيب خاشقجي: "لا يمكن حلّ أزمة داعش إلا عبر الشعب السوري، وكتلة وطنية مجاهدة هي ستقضي على داعش، وما من دولة، أكانت فرنسا أو روسيا أو الاتراك أو السعودية سترسل قوات للمحاربة في الرقة ودير الزور ولن يفعل ذلك إلا الشعب السوري، ويحتاج إلى انتصار ثورته ليتخلّص من الشرّين: نظام الاسد الشمولي القمعي وداعش ونظامه الشمولي والقعمي، كلاهما متشابهان الأول بعثي طائفي والثاني سنّي خارجي".