شكل قرار الحكومة الأردنية تأجيل فتح معبر جابر الحدودي مع سوريا الذي كان مقررا، الأحد، صدمة لقطاعات اقتصادية مختلفة، وعقدت الشركات آمالها على العودة إلى العمل بعد انتظار طويل.
وجاء القرار على لسان مصدر في وزارة الداخلية الأردنية، بأنه “سيتم إغلاق معبر جابر الحدودي مؤقتا أمام حركة البضائع والركاب نتيجة لتطورات الأوضاع الأمـ.ـنية في الجانب السوري”، واكتفى المصدر بالقول إن “المعبر سيُعاد فتحه حال توفر الظروف الملائمة لذلك”، من دون تحديد موعد.
قرار الإغلاق يأتي بعد تدهور الوضع الأمـ.ـني في درعا؛ بسبب اشتـ.ـباكات مسـ.ـلحة بين أبناء درعا البلد ونظام الأسد، وكان الأردن اتفق مع نظام الأسد أن يبدأ العمل بعمل جابر-نصيب يوم الأحد الماضي، إلا أن الأوضاع الأمـ.ـنية حالت دون ذلك.
وقال الخبير العسكري الأردني، اللواء المتقاعد الدكتور قاسم محمد صالح، إن “أي توتر في محافظة درعا السورية بين النظام والمعارضة يعني أن هناك تأثيرا على الحدود الأردنية السورية”، وأضاف صالح أن إغلاق المعبر جاء لضمان المملكة لأمنها، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن التصعيد في درعا مؤقت، وهناك مفاوضات للتوصل لاتفاق.
ونقلت صحيفة “عربي21 الإلكترونية عن “مصدر مطلع”، رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، قوله إن “وزير الدفاع السوري، العماد علي أيوب، ترأس اجتماعا للجنة الأمنية وضابطا روسيا لبحث التطورات الأخيرة، في مقر حزب البعث في مركز المدينة”.
ورجح المصدر أن يتم الاجتماع بعد ذلك مع لجان التفاوض في درعا البلد، للوصول إلى اتفاق نهائي، وتابع بأن “هناك خيارين، إما التوصل إلى اتفاق تهدئة قوي، أو التصعيد والعودة إلى الحـ.ـرب”.
مساع روسية للتهدئة
وقال الناطق باسم تجمع أحرار حوران، عامر الحوراني، إن هناك مساعي روسية لوقف التصعيد في درعا، بعد أن اجتمع القائد الروسي في الجنوب السوري الجنرال “أسد الله” مع اللجان المركزية وممثلي النظام، كل على حدة.
وأضاف الحوراني لـ”عربي21″ أنه “تم التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد بعد الاجتماع لمدة 24 ساعة قابلة للتمديد إلى 48 ساعة” لحين التشاور مع قيادة القوات الروسية في دمشق.
وجاء ذلك بعد إصرار اللجنة الأمـ.ـنية التابعة لنظام الأسد على خروج مقاتلين معارضين من درعا، وجعلته شرطاً أساسياً لإيقاف الحمـ.ـلة العسـ.ـكرية على درعا البلد.
وأضاف الحوراني: “قوات الفرقة الرابعة، وهي الذراع الإيرانية في الجنوب السوري، المتمثلة بقوات الغيث ولواء أسود العراق، يحاولون عرقلة التوصل إلى اتفاق من خلال القصف وإطـ.ـلاق النار”.
وبدأ التصعيد في درعا قبل نحو شهر، لكن المواجهات اشتدت يوم الخميس بين قوات الأسد وأهالي درعا، بعد محاولة قوات الأسد بسط سيطرتها على أحياء درعا البلد، حيث امتد التصعيد إلى مناطق أخرى.
وأدت المواجهات الأخيرة إلى وقوع ما يقارب 17 شهـ.ـيد، بينهم 3 أطفال وسيدة، إضافة إلى نزوح أكثر من 40 ألف مدني، وسط دعوات أممية للتهدئة، إذ دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون الجميع إلى التهدئة في البلاد.
وأضاف بيدرسون في بيان أنه يتابع بقلق بالغ التطورات في جنوب غرب سوريا، وأشار إلى أنه على اتصال نشط مع الأطراف المعنية لضمان وقف العنـ.ـف.
وشدد على وجوب تمسك الجميع بمبدأ حماية المدنيين والقانون الإنساني الدولي، وقال المبعوث الأممي إن هذا التصعيد للتـ.ـوتر في جنوب غرب سوريا يوضح حاجة الجميع للاتفاق على وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254.
وأدانت فرنسا -في بيان صادر عن وزارة خارجيتها- “الهجوم الإجـ.ـرامي الذي شنه النظام السوري” في درعا، “وهو أحد رموز المعاناة التي عانى منها السوريون خلال عقد من الصراع”.
مخاوف من استمرار الإغلاق
هذا التصـ.ـعيد أعاد مخاوف قطاعات اقتصادية أردنية عديدة، وعلى رأسها الشاحنات والتخليص الجمركي، إذ قال نقيب أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع، ضيف الله أبو عاقولة، لـ”عربي21″، إن شركات تخليص البضائع كانت تستعد لافتتاح مكاتبها تدريجيا في مركز حدود جابر.
وأضاف أن 240 شركة كانت تعمل قبل أحداث سوريا، تضم نحو 400 موظف، لكن عدد الشركات العاملة تراجع إلى 40-50 شركة وأقل من 100 موظف في الوقت الحالي.
وأشار إلى الأثر السلبي الكبير على حجم العمل الذي لحق بقطاع التخليص الجمركي والشاحنات جراء الأحداث في سوريا، حيث فُقدت خطوط “ترانزيت” رئيسية إلى تركيا وأوروبا، مؤكداً أن جائحة كـ.ـورونا زادت من الخسائر جراء العمل بالمناولة والإغلاقات.
ويأمل أبو عاقولة بأن “لا يطول إغلاق معبر جابر الحدودي مع سوريا، رغم أن القرار جاء لحماية المسافرين وحركة نقل البضائع”.
وتظهر أرقام دائرة الإحصاءات العام لسنة 2020 أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ حوالي 67 مليون دينار، حيث بلغت الصادرات الأردنية إلى مناطق سيطرة نظام الأسد في سوريا العام الماضي حوالي 35 مليون دينار، فيما المستوردات بلغت حوالي 32 مليون دينار.
وحسب بيانات رسمية، كانت الصادرات الأردنية قبل عام 2011 إلى سوريا تبلغ سنويا حوالي 300 مليون دولار، ووارداته منها تتجاوز 400 مليون دولار، لكن التبادل التجاري بين البلدين انخفض بنسبة أكثر من 70%، ثم توقف نهائيا في بعض السنوات بسبب إغلاق الحدود.
المصدر: عربي21