الرئيسية » شركات السيارات الكهربائية تتسابق لابتكار طرق جديدة لجذب الزبائن

شركات السيارات الكهربائية تتسابق لابتكار طرق جديدة لجذب الزبائن

في عام 2011، طرح إعلان تجاري ساخر على المشاهدين سؤالًا افتراضيًا: “ماذا لو كان كل شيء يعمل بالغاز؟”.. تخيل الإعلان الخاص بسيارة نيسان Nissan Leaf التي تعمل بالطاقة الكهربائية عالماً تحتوي فيه كل من ساعات المنبه وعلامات القهوة وأفران الميكروويف وحتى مثاقب أطباء الأسنان على محركات قابلة للاحتراق بدلاً من الأسلاك والمقابس.

الآن، بعد عقد من الزمن، تتساءل شركات السيارات جميعها: ماذا لو كانت جميع السيارات تعمل بالكهرباء؟

تعمل العلامات التجارية للسيارات على تطوير كيفية تسويق السيارات الكهربائية للوصول إلى المزيد من الجماهير، عن طريق استخدام وجوه المديرين رفيعي المستوى والمشاهير، وصالات عرض جديدة ومثيرة للدعاية، لكن هل ستغذي الاستراتيجيات تحولاً أكثر ديمومة؟

بدأت الشركات الكبرى والشركات الناشئة على حد سواء في استخدام مجموعة من الاستراتيجيات الجديدة تتماشى مع السيارات والبطاريات الجديدة والتزامات الاستدامة الحديثة على أمل أن تسود المركبات الكهربائية خلال العقد المقبل.

قامت شركة جنرال موتورز على سبيل المثال ببث إعلان لمباراة السوبر بول، الخاصة بكرة القدم الأميركية، بطاقم من النجوم، كذلك، استأجرت فورد مديرًا مشهورًا لإعلان أولمبياد طوكيو. وافتتحت مرسيدس بينز والشركة الناشئة Lucid صالات عرض جديدة في مدينة نيويورك للزيادة من توعية السوق وتعمل هيونداي على إعلانات للسيارات الكهربائية ببطولة سبايدر مان.

طموحات العام الجديد

تستعد السيارات الكهربائية لتكون في بؤرة الضوء مرة أخرى هذا العام، حيث ستكشف جنرال موتورز وبي إم دبليو عن سيارات كهربائية جديدة في وقت لاحق من هذا الأسبوع في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية Consumer Electronics Show لعام 2022 في لاس فيغاس. كذلك، ستبث نيسان في فبراير/شباط أول إعلان سوبر بول لها منذ عام 2015 للترويج لسيارتي أريا كروس أوفر Ariya وزد سبورتس كوبيه. وتخطط مرسيدس-بنز أيضًا لشراكة كبيرة مع الفيلم القادم Avatar 2، في وقت لاحق من هذا العام.

وأوضحت رئيسة العلامة التجارية لمرسيدس بنز بالولايات المتحدة الأميركية، مونيك هاريسون، لمجلة فوربس في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي: “كما تعلم، فإنهم لا يعيشون على الأرض في سلسلة Avatar. ولن يعيشوا على الأرض في أي وقت، لذلك لا تتوقع منهم أن يقودوا سيارة مرسيديس من طراز EQS، ولكن الابتكار في الفيلم يعد مثاليًا لتقديم منتج مرسيدس EQ وما يمكن أن يقدمه هنا على الأرض”.

تعمل العلامات التجارية للسيارات على تسويق منتجاتها بكثافة للأشخاص المهتمين بالأداء والرفاهية، وتتجاوز فكرة التسويق لنماذج معينة، بحيث تركز على عرض الشركة نفسها كأحد المبتكرين في مجال السيارات الكهربائية.

ويقول الخبراء إن الشركات تستعد لتطوير المركبات الجديدة والتكنولوجيا الخاصة بها على نحو أفضل مما كانوا عليه في الماضي، ويرسمون صورة جاذبة للمشترين المتشككين حول المستقبل المشحون بالكهرباء.

قال المحلل في مصرف الخدمات الاستثمارية Cowen Securities الذي يغطي مواضيع الاستدامة والنقل، جيفري أوزبورن: “إذا درست تاريخ السيارات الكهربائية ستجد تحولًا في طريقة التسويق حتى وصلنا إلى علامة تويوتا Prius وعلامة نيسان Leaf، وقد أظهرت تيسلا أن التسويق للجماهير يؤتي ثماره”.

بدأ ضجيج السيارات الكهربائية مبكرًا في أوائل 2021 عندما كشفت شركة جنرال موتورز النقاب عن علامة تجارية جديدة للشركة تركز على السيارات الكهربائية. في نفس الأسبوع، ظهرت لأول مرة حملة جديدة بعنوان “Everybody In” بطولة الكاتب، مالكولم جلادويل، ومدرب بيلوتون الشهير، كودي ريجسبي، وراكب الأمواج، بيثاني هاميلتون.

وقامت جنرال موتورز بعد ذلك في فبراير/شباط ببث إعلان سوبر بول بطولة ويل فيريل وكينان طومسون وأوكوافينا للترويج لعربة Lyriq كروس أوفر، تماشيًا مع خططها لتقديم نحو 30 مركبة كهربائية إلى السوق بحلول 2025. تلا ذلك إعلان بالتعاون مع ديزني في سيارة Chevy Boltضم شخصيات كلاسيكية من ستار وورز، دامبو وبيتر بان.

قالت كبيرة مسؤولي التسويق في جنرال موتورز، ديبورا وال، لفوربس في مقابلة في مارس/آذار الماضي: “لا يمكنك أن تكون أكثر شعبية من ديزني وكان هذا مقصودًا حقًا لتغيير فكرة أن المركبات الكهربائية مخصصة لشريحة صغيرة فقط من السكان القلقين بشأن تغير المناخ، وإظهار مدى مثالية هذه السيارات للعائلات، وللرحلات البرية، ولكل أنواع الاستخدام”.

سعت جنرال موتورز إلى تحقيق التوازن بين توقيت الإعلانات ودخول السوق، بحسب ديبورا وال، بحيث تجذب مشاعر الناس وتثقفهم في الوقت ذاته حول السيارات الكهربائية.

كذلك، عرضت فورد خلال دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو الصيف الماضي إعلانًا جديدًا من إخراج كلوي تشاو المعروفة بكتابة وإخراج أفلام ناجحة مثل Nomadland وEternals. لهذا أوضحت مديرة الاستراتيجية في وكالة الإعلانات Wieden + Kennedy، أليكس توثمان، التي تعمل على إعلانات السيارات الكهربائية الخاصة بشركة فورد، أن اختيار تشاو لإخراج الإعلان يساعد قطاع السيارات الكهربائية على أن يحظى بمزيد من الجاذبية والارتباط مع الجماهير.

وقالت: “أعتقد أن تاشو تشتهر بإخراج صور لشخصيات صادقة وإضفاء المشاعر والعمق على جميع الشخصيات”.

عصر السيارات الكهربائية

يعود تسويق السيارات الكهربائية إلى ما يقرب من قرنين من الزمان، حيث وصف إعلان من العصر الفيكتوري لشركة السيارات الكهربائية المبكرة Baker Motor Vehicle بأنها “السيارة الكهربائية التي تلبي احتياجات المرأة في المجتمع”.

وكانت شركتا السيارات الكهربائية Hupp-YeatsوBaker تروجان لإعلانات السيارات الكهربائية لسنوات في المجلة الأسبوعية الشعبية The Literary Digest.

كان نحو ثلث المركبات على الطرق الأميركية يعمل بالكهرباء حتى نهاية القرن قبل أن تختفي بالكامل تقريبًا في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي بعد اكتشاف النفط الخام الرخيص في تكساس، وفقًا لوزارة الطاقة الأميركية، ثم اكتسب الاهتمام بالمركبات الكهربائية زخمًا مرة أخرى في سبعينيات القرن الماضي عندما توصلت جنرال موتورز لنموذج أولي لسيارة كهربائية. تلا ذلك نجاح شركة Sebring-Vanguard بسيارة CitiCar ونطاق السيارة الكهربائية الذي يمتد من 50 إلى 60 ميلاً. إلا أن الأداء المحدود والمدى المحدود لهذه السيارات أدى إلى تراجع الطلب مرة أخرى بنهاية العقد.

وتعد الأموال المخصصة للسيارات الكهربائية صغيرة، بالنظر إلى تقديرات المنصة الإعلانية MediaRadar لما تم إنفاقه على إعلانات السيارات خلال النصف الأول من 2021 والذي بلغ 2.9 مليار دولار. لم يكن هناك إنفاق على إعلانات المركبات الكهربائية في الغالب في 2020، ولكنه بلغ 33 مليون دولار في الفترة بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2021، ما يمثل زيادة بنسبة 69٪ عن المبلغ الذي تم إنفاقه في 2019 والبالغ 19.5 مليون دولار.

كذلك، يتطور عرض السيارات الكهربائية على التلفزيون حصلت نيسان على سبيل المثال على أكبر عدد من الإعلانات التلفزيونية الفريدة للسيارات الكهربائية في 2019، إلا أن جاكوار تجاوزتها لفترة وجيزة في أوائل عام 2020، وفقًا لبيانات من iSpot.

وبحلول مايو/أيار 2021، حصلت أودي على أكثر الإعلانات تميزًا بإجمالي 21 إعلانًا، تليها فورد ونيسان وجي إم سي وشيفروليه بواقع 14 إعلانًا لكل منها.

ووجد تقرير منفصل من MediaRadar أن السيارات من طراز فولكس فاغن ID.4 وLucid Air وسيارة شيفروليه الكهربائية وبي إم دبليو ixونيسان Leaf، كانت الأكثر إنفاقًا على الإعلانات المدفوعة في النصف الأول من 2021.

قالت الأستاذة في كلية الإدارة Kellogg بجامعة شيكاغو، ميغان بوس: “يبدو الأمر لي من الخارج وكأن هذه الشركات تقول: دعونا نتوقف عن التمسك بالماضي ونقفز بكل قوتنا نحو المستقبل “.

الشركات الناشئة تدخل المنافسة

تعمل الشركات الناشئة في مجال السيارات الكهربائية أيضًا على تكثيف جهودها التسويقية. فقد استأجرت شركة Polestar، التي كانت تتطلع إلى طرح عام أولي في المستقبل القريب، وكالة إعلانات من وادي السيليكون YML لتعزيز وجودها الرقمي وتسويق منتجاتها للمستهلكين في الولايات المتحدة.

وكشفت شركة الشاحنات الكهربائية ريفيان Rivian قبل طرحها للاكتتاب العام العام الماضي أن تكاليف التسويق والترويج بلغت نحو 24 مليون دولار في 2019 ونحو 5 ملايين دولار في 2020.

وعلى الرغم من أن تكاليف الإعلانات ليست كبيرة، إلا أن الشركة أفادت بأنها تتطلع لزيادة الإنفاق لجذب عملاء جدد. وافتتحت Lucid، التي تم طرحها للاكتتاب العام أيضًا العام الماضي، صالة عرض جديدة في يونيو/حزيران 2021 في مدينة نيويورك وصنعت صناديق للترويج لسيارتها Lucid Air.

قال كبير مسؤولي التسويق في Lucid، جيف كاري، في يوليو/تموز الماضي: “إنها لحظة مهمة بالنسبة للشركة. فنحن لا نطلق الشركة فقط، بل نطلق العلامة التجارية، والأعمال التجارية ومنتجاتنا الأولى كلها في وقت واحد خلال هذا العام.. وقت مثالي لأن الكثير من الشركات التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام الآن ليست مجرد استثمارات مالية، بل هي أيضًا استثمارات تثقيفية”.

يدين الرؤساء التنفيذيون في مجال السيارات بالفضل إلى مؤسس شركة تيسلا والرئيس التنفيذي، إيلون ماسك، الذي ساعد في زيادة الاهتمام الجديد بهذه الفئة، صنفت الشركة الإعلامية Kantar تيسلا بأنها العلامة التجارية الأكثر قيمة للسيارات لعام 2021. في حين أن تيسلا لا تقوم بالكثير من الإعلانات، فإن الشركات بما في ذلك فورد وفولكس فاغن وأودي وLucid بدأت جميع إعلاناتها خلال برنامج Saturday Night Liveعندما كان ماسك ضيف البرنامج في مايو/أيار.

وبالإضافة إلى الإعلانات التلفزيونية، تعمل فولكس فاغن وشركات أخرى أيضًا على زيادة استثماراتها في التسويق الرقمي للعثور على عملاء جدد وتحويل عملية الشراء فبعد الإعلان في برنامج SNL، شهدت فولكس فاغن على الفور زيادة عمليات البحث عبر الإنترنت عن سيارتها من طراز ID4 بنسبة 800٪.

بالإضافة إلى حملات فولكس فاغن الإعلانية على شاكلة إعلان “Now You Can” الصادر عام 2019، طورت شركة السيارات تصميمًا جديدًا لعلامتها التجارية تم إطلاقه أولًا في الصين ثم في جميع أنحاء العالم. كذلك عدلت العشرات من قنواتها الرقمية ومنصاتها الإلكترونية.

وتخطط الشركة في السنوات القادمة للجمع بين مشاركتها التسويقية واستثماراتها الإعلامية في تقنيات صديقة للبيئة بنسبة تتراوح بين 60٪ و80٪.

قال رئيس التسويق العالمي في فولكس فاغن، سينغبيل، لفوربس العام الماضي “أعتقد أننا الآن في الفترة الملحمية الثالثة لفولكسفاغن. ففي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وفرنا وسائل النقل للجميع.و في الثمانينيات والتسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفرنا التقنيات المتميزة والفاخرة للجميع. والآن، وعلى مدار السنوات القادمة، أعتقد أننا سنركز على الكهربية وكيفية جعلها متاحة للكل، ليس فقط لعدد قليل من الأشخاص”.

لم تأت هذه الجهود دون ثمن ففي اليوم السابق ليوم كذبة أبريل، زعمت فولكس فاغن أنها غيرت اسمها إلى “فولتس فاجن” لتوضيح أولوياتها الكهربائية ثم قالت إنها كانت مزحة. لكن توضيحها جاء بعد قيام العديد من وسائل الإعلام الرئيسية بنشر أخبار تغيير الاسم على أنها أخبارًا حقيقية.

كذلك، واجه عدد من العلامات التجارية للسيارات الكهربائية تحديات أكثر جدية، حيث تواجه العديد من الشركات الناشئة في مجال السيارات الكهربائية تحقيقات فيدرالية بشأن احتماليات تضليل المستثمرين، وسحبت جنرال موتورز أكثر من 100 ألف سيارة من طراز Chevy Boltلاستبدال البطاريات بسبب مخاوف من نشوب حريق.

الإعلانات الجديدة

على الرغم من كل هذا الضجيج، لا تزال المركبات الكهربائية تمثل جزءًا بسيطًا من السيارات على الطرق.

فقد مثلت المركبات الكهربائية 2٪ فقط من سوق السيارات الجديدة خلال السنوات الثلاث الماضية، وفقًا لمسح أجراه مركز الأبحاث Pew Research Center في يونيو/حزيران. وانخفض العدد الإجمالي للمركبات الكهربائية المباعة بنسبة 3.2٪ في الفترة بين 2018 إلى 2020، حيث شكلت المركبات الكهربائية 2٪ فقط من سوق السيارات الجديدة في الولايات المتحدة في كل من السنوات الثلاث.

قد يتغير هذا العدد المنخفض قريبًا فقد وجد الاستطلاع، الذي أجرته شركة أبحاث السوق YouGov وفوربس في أكتوبر/تشرين الأول، والذي شمل 33 ألف سائق أميركي، أن 22.9٪ سيفكرون في شراء سيارة كهربائية جديدة أو مستعملة، فيما يرى نحو 65٪ من المستطلعين أن المركبات الكهربائية “هي مستقبل صناعة السيارات.” بسؤالهم عن سبب التحول للسيارات الكهربائية، تضمنت الأسباب الثلاثة الأولى حماية البيئة وتوفير المال من الضرائب والصيانة وتقليل تكاليف الوقود.

تمهيدًا لظهور العشرات من السيارات الكهربائية لأول مرة في السنوات القليلة المقبلة، تركز فورد على الإصدارات الكهربائية من طرازاتها الشهيرة Mustang والشاحنة الكهربائية Lightning F-150 وحتى الآن، يبدو أن خطتها تعمل، حيث كانت الشركة تتوقع سابقًا بيع نحو 50 ألف سيارة Mustang Mach-E في عامها الأول، لكنها أعلنت مؤخرًا عن خطط لبيع 200 ألف بحلول 2023.

أفاد رئيس الاتصالات في فورد، مارك تروبي: “نحن نراهن على سياراتنا الشهيرة والفريدة من نوعها. أعتقد أن جاذبية السيارات الكهربائية وتفردها سيجعلها في كل مكان، وسنتذكر يومًا ما كم كان مستغربًا أن نرى سيارة كهربائية”.

هيونداي توظف الواقع المعزز

تستخدم العلامات التجارية من أمثلة فورد وهيونداي الواقع المعزز للتفاعل مع العملاء عبر الإنترنت. فلكي تروج هيونداي للمركبات الكهربائية والنماذج الهجينة مثل Santa Fe HEV وIoniq 5، دخلت في شراكة مع ناشيونال جيوغرافيك National Geographic الربيع الماضي في سلسلة من تجارب الواقع المعزز على إنستغرام والتي تتيح للناس استكشاف العديد من المتنزهات الوطنية افتراضيًا أو لتعزيز تجاربهم الشخصية.

أوضحت مسؤولة التسويق في هيونداي، أنجيلا زابيدا: “في الأصل كنا سنستخدم الدعاية الرقمية للسيارات مثل Ioniq. إلا أننا وجدنا Ioniqأكبر من مجرد إعلانات رقمية، فهي تمثل هالة هيونداي. وبالتالي، يمكننا توظيفها لمخاطبة مستهلكين محددين”.

كانت زابيدا قلقة بشأن التسويق للمركبات الكهربائية في ظل حجم مخزون التجزئة الحالي من السيارات التي تعمل بالغاز. إلا أن خطط الشركة في طرح 10 سيارات كهربائية للسوق بحلول نهاية العام جعلت الإعلانات تمثل توضيحًا للتطور.

المصدر: فوبرس