قد يؤدي نقص في المحرّكات الاحتياطية، إلى وقف تحليق مقاتلات من طراز F 35 لأن إصلاح مكوّن أساسي للطائرة الحربية الأميركية الأكثر تكلفة، يستغرق وقتاً أطول من المحدّد، بحسب ما أفاد به مكتب المساءلة الحكومية، الذي يقدّم خدمات تدقيق وتقييم وتحقيق للكونجرس.
ووَرَدَ في تقرير أعدّه المكتب أن “السعة غير الكافية لمستودع الصيانة، التي تؤدي إلى نقص في إصلاح المحرّكات، أدت إلى وقف تشغيل مقاتلات F 35 في أحيان كثيرة ولفترات زمنية أطول ممّا كان متوقعاً”، كما أفادت وكالة “بلومبرغ”.
وأشار التقرير إلى أن عوامل كثيرة في هذا الصدد تنبع من “فشل” وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون” في تطوير استراتيجية مناسبة للحفاظ على المحرّكات، بما في ذلك تأمين قدرة إصلاح كافية في المستودع مع استمرار الإنتاج، علماً أن شركة “برات آند ويتني” Pratt & Whitney التابعة لمجموعة “رايثيون تكنولوجيز” تؤمّن محرّكات الطائرة الحربية التي تصنعها شركة “لوكهيد مارتن”.
وسُلّمت حتى الآن 820 طائرة من طراز F 35 في العالم، من أصل 3 آلاف طائرة يُحتمل أن تشتريها الولايات المتحدة ودول شريكة لها، وبعد محادثات دامت سنوات، أعلنت البنتاجون، الاثنين، التوصّل إلى اتفاق مبدئي مع “لوكهيد مارتن”، بشأن عقد للسنوات الثلاث المقبلة، من أجل شراء 375 مقاتلة أخرى.
ورجّحت “لوكهيد مارتن”، الثلاثاء، التوصّل إلى اتفاق نهائي بشأن العقد، في الربع الثالث من العام الجاري، علماً أن الشركة خفّضت توقعات أرباحها وقلّصت خطة على المدى القريب بشأن المقاتلات، مبرّرة الأمر بتداعيات أزمة فيروس كورونا وعوامل أخرى تؤثر في البرنامج، بحسب “بلومبرغ”.
إصلاح وحدة الطاقة
تقرير مكتب المساءلة الحكومية، يوسّع شهادة عامة قدّمها أمام لجنة في مجلس النواب، في أبريل الماضي، ويشكّل تحذيره بضرورة وقف النقص الحالي، وربما المتزايد، في المحرّكات الجاهزة، تناقضاً مع دعاية إيجابية تتلقاها مقاتلة F 35، أثناء تنفيذها دوريات في أجواء أوروبا الشرقية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وأعلنت فنلندا وسويسرا وألمانيا واليونان أنها ستشتري هذه المقاتلات، فيما أشارت كوريا الجنوبية إلى أنها تريد مزيداً منها.
ويعكس ملف إصلاح محرّكات مقاتلة F 35، وتداعيات ذلك على جاهزيتها، الصعوبات التي يواجهها البنتاجون لخفض التكلفة المقدرة بـ1.3 تريليون دولار لتشغيل هذه الطائرات وصيانتها خلال 66 عاماً من خدمتها المتوقعة.
ويُرجّح أن تبلغ تكاليف دعم المحرّكات مليار دولار سنوياً بحلول عام 2028، في مقابل 315 مليون دولار العام الماضي، مع زيادة عدد المقاتلات وساعات تحليقها وصيانتها المجدولة، بحسب مكتب المساءلة الحكومية.
المكتب أشار إلى أنه منذ مطلع عام 2020، “لم يتمكّن عدد متزايد من طائرات F 35 من التحليق، بسبب نقص محرّكات التشغيل”. وأضاف أن “غالبية الطائرات المتضرّرة” يشغلها سلاح الجوّ، وهو أبرز مشترٍ لهذه المقاتلات.
في أغسطس 2021، كانت لدى سلاح الجوّ 35 طائرة عاجزة عن التحليق، نتيجة افتقارها إلى محرّك، علماً أنه استلم نحو 283 من تلك المقاتلات بحلول ذلك الوقت. وفي فبراير الماضي، كانت نحو 36 طائرة من دون محرّكات. ويتمثل العائق الأساسي في إصلاح وحدة الطاقة، التي تولّد عملية الدفع. وأعلن “مكتب المساءلة الحكومية” أن إصلاحها يستغرق وقتاً أطول، فيما أن البنتاجون يفتقر إلى محرّكات احتياطية كافية.
مشكلة في طلاء المحرّك
مكتب برنامج F 35 التابع لوزارة الدفاع، أعلن أنه “على دراية بالتحدي الذي يواجهه البرنامج، في ما يتعلّق باستدامة المحرّكات”، ووافق على توصية قدّمها مكتب المحاسبة الحكومية، بوجوب مواصلة مراجعة استراتيجية الدعم للمحرّكات وتعديلها.
وكان المكتب أعلن في وقت سابق من العام الجاري، أن عمليات نزع المحرّكات ليست نتيجة مواد معيبة أو دون المستوى المطلوب. ويتمثل أحد الأسباب الأساسية في أن طلاء شفرات التوربينات عالية الضغط في المحرّك “يتدهور بشكل أسرع ممّا كان متوقعاً” أثناء تحليق المقاتلات في بيئات رملية.
منذ خريف 2020، اتخذ مكتب برنامج F 35 وشركة “برات آند ويتني” “إجراءات و(أعدّا) خططاً لاتخاذ إجراءات إضافية لزيادة قدرة عمليات الإصلاح في المستودع، من أجل تلبية احتياجات حالية ومستقبلية لصيانة المحرّكات”، كما “بدأت هذه الجهود بتحسين سعة المستودع” وأدت إلى تحسين التوقعات لتوافر المحرّكات، وفق “مكتب المساءلة الحكومية”.
تمويل قطع الغيار
انخفض الوقت اللازم لإصلاح وحدات الطاقة في الطائرة إلى 119 يوماً في يناير الماضي، بعدما كان 207 أيام في أكتوبر 2020. وبدءاً من مطلع عام 2020، تحتوي كل المحرّكات الجديدة، وتلك التي أُصلحت في المستودعات، على شفرات بطبقة جديدة “أظهرت أداءً متزايداً بشكل كبير”، كما أعلن مكتب برنامج F 35.
ومع ذلك، “لا تزال هناك أخطار كبرى ستتطلّب اهتماماً إدارياً مستداماً من وزارة الدفاع وبرات آند ويتني”، وفق مكتب المساءلة الحكومية.
وحدث خلاف بين الجانبين منذ عام 2019 على الأقلّ، بشأن مقدار الأموال اللازمة لتمويل قطع الغيار من أجل إصلاح وحدات المحرّكات، على سبيل المثال.
وأعلن مكتب المساءلة الحكومية أن “شركة برات آند ويتني ذكرت أن الفارق كان يتجاوز 400 مليون دولار وسيؤثر سلباً في البرنامج”، فيما ذكر مكتب برنامج F 35 في البنتاجون أن “هذه الفجوة بلغت نحو 170 مليون دولار”.
وقال الجنرال مايك شميدت، مدير مكتب برنامج المقاتلة المذكورة، إن مكتبه وافق أيضاً على توصية مكتب المساءلة الحكومية، بأن يطوّر مع شركة “برات آند ويتني” نموذجاً مشتركاً للتكهّن باحتياجات قطع الغيار.
المصدر: الشرق