لا يزال أبناء الطائفة العلوية يدفعون ضريبة انتمائهم، ليس إلى الطائفة العلوية، وإنما إلى نظام الأسد والدفاع عن هذا النظام المتهالك، وقد أخذت في الآونة الأخيرة وسائل إعلام متعددة عربية وعالمية تتحدث عما أصاب الطائفة من قتل ملفت للنظر، حتى البعض من هذه الوسائل راحت تتحدث عن إمكانية فقدان الفئة العمرية المنجبة للنسل، نظراً لموت الكثيرين منهم دفاعاً عن الأسد ونظامه، كما أخذت تتحدث عن ضلوع إيران وحزب الله بممارسة القتل ضد ضباط ومقاتلين علويين، حتى بات الاعتقاد السائد عند الكثيرين من أبناء الطائفة أن هذه الحرب ليست حربهم، وإنما هي حرب بشار الأسد وحاشيته وكذلك حرب إيران وحزب الله..
ومن هنا أخذت الطائفة العلوية، تتململ من خسائرها الفادحة ومن تزايد تدخّل إيران وحزب الله في مناطقها الساحلية..
الإحصائيات تؤكد أن عدد العلويين في سوريا لا يزيد عن المليونين (أي نحو عُشر التعداد السكاني لسوريا)، وهناك مليون من رجال الطائفة بين طفل وشاب وكهل، وأن ثلث المليون على أبعد تقدير هم في سن حمل السلاح من الذين أعمارهم تتراوح بين بين 18 و45 عاماً.. أي نحو 300 ألف شخص من حاملي السلاح بشكل فعلي..
لكن المطلعين على واقع الأمور يتوقعون أن يكون نصف أو ثلثي القوة البشرية المقاتلة قد خرجت من ساحة المعركة، ممن قتلوا أو أصيبوا إصابات تمنعهم من حمل السلاح.. والتقارير الواردة من سوريا تشير الى أن أكثر من 100 ألف علوي قُتلوا في المعارك، وهناك تقديرات أخرى تتحدّث عن 130 ألفاً، أي نحو 15% من العلويين الذكور، أو ما لا يقل عن 25% من الذكور البالغين!
صحيفة " التلغراف" البريطانية تحدثت عن هذا الموضوع، ولم تكن مختلفة كثيراً في تقديراتها.. ففي تقريرها المنشور مؤخراً، وحمل عنوان " في سوريا يدفع العلويون الثمن الأكبر "، أشارت الصحيفة نقلاً عن سكان محليين وديبلوماسيين، أنه يوجد في الطائفة العلوية أكثر من 250 ألف شخص في سن تؤهّلهم لخوض القتال، وإن ثلث هؤلاء أصبحوا في عداد القتلى ".. وتضيف الصحيفة: حتى أن القرى العلوية الواقعة في تلال اللاذقية خلت من الشباب خلواً شبه تام، فيما ترتدي النساء ألبسة الحداد السوداء.. وبحسب الصحيفة، فإن أكثر من 30 شاباً علوياً يعودون يومياً في الأكفان..
كما ذكر الأهالي أن نظام الأسد وإيران وحزب الله لا يكترثون لقتلى العلويين، وباتت تصل الجثث بـالشاحنات، ومن ثم تداهم الميليشيات منازل بقية العلويين في قرى ريف اللاذقية الفقيرة، لسحب المزيد من الشباب كبديل عن النقص المتزايد في جيش النظام..
أحد المعارضين العلويين انتقل الى بيروت مؤخّراً هرباً من بطش النظام وحزب الله وقمعهما لكل علوي يعارض الوجود الإيراني في الساحل السوري، وقد تحدّث عن تغيّرات يشهدها المزاج العلوي، موضحاً أنه «على الرغم من استحضار نظام الأسد للخطاب المذهبي بهدف شحن الشباب لحثّهم على الانضمام الى الجيش، إلا أن فئة ليست بقليلة باتت ترفض الالتحاق بالعسكر، لاقتناعها بأن الحرب ليست حربها "..
كما أشار إلى أن جنازات التشييع، باتت تهتف لـ " الشهيد حبيب الله " دون ذكر الأسد أو النظام، بعد أن كانت أصوات المشيّعين في بداية الثورة تصرخ " بالروح بالدم نفديك يا قائد ".. كما أن الجنازات حالياً لم تعد ترفع صور حافظ وبشار الأسد، وتكتفي برفع صور القتلى..
ويتحدّث كذلك عن اغتيال الإيرانيين لمجموعة من رجال الدين والضباط والمفكّرين العلويين، الذين عبّروا عن تململهم من الوجود الإيراني في المناطق الساحلية..