قبل يومين من عيد الأضحى المبارك ودع حي الشعار المحرر بحلب أكثر من عشرين شهيداً من الأبرياء الفقراء, بائعي خضار وفواكه وبائعي بسطة بسطاء ومتسوقين من ذوي الدخل المحدود أو بالأحرى الدخل المعدوم.
صاروخ أرض ارض من نوع فيل, قادماً من قواعد عسكرية غرب حلب تابعة لقوات الأسد كان كافياً لأن يحول السوق الشعبي في الحي إلى كتلة من اللهب والدخان المتصاعد, فيما تحولت العربات الصغيرة التي تحمل الخضار والفواكه إلى حطام اختلط بدماء أصحابها والمارة من الأطفال والنسوة اللاتي نزلن بصحبة أبنائهن للتحضير للعيد, الذي لطالما طرق الأبواب في ظل همجية الأسد المجرم وعصابته على مدى أعوام الثورة الخمس.
سارعت فرق الإسعاف والدفاع المدني إلى مكان المجزرة لتنتشل جثث الضحايا وتنقذ من لا يزال على قيد الحياة والأمل بشفاء قريب من بتر ساق أو يد أو بطن مبقورة بفعل شظية غادرة أطلقها الصاروخ المدمر.
في الأثناء تجمع المئات من المدنيين حول المجزرة, مذهولين من هول الصدمة لتخترق صمتهم المطبق أحاديث جانبية بعضها رجح أن القصف كان جوياً بينما قال آخرون أنهم لم يسمعوا صوت طائرة أبداً مرجحين أن السبب صاروخ فيل.
لا فرق لدى من غادر الدنيا تاركاً خلفه عائلة وأطفال جياع, لا فرق طالما الألم واحد والموت واحد والأشلاء واحدة تناثرت في كل مكان على الجدران وعلى السيارات المتوقفة على بعد مئة متر من مكان المجزرة, لا فرق طالما تحول العشرات إلى أجساد مفتتة تم جمعها تباعاً من تلك الزاوية أذن وقدم ومن هناك تحت عربة الليمون كانت قدم يسرى لأحدهم لا تزال تنزف وحيدة.